“آركو” تنمي قدرات جمعيات الهلال الأحمر والصليب الأحمر في مجال القانون الدولي الإنساني

“آركو” تنمي قدرات جمعيات الهلال الأحمر والصليب الأحمر في مجال القانون الدولي الإنساني

درب المركز العربي للقانون الدولي الإنساني في الأمانة العامة للمنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر “آركو” 61 من المهتمين بالقانون الدولي الإنساني في الهيئات والجمعيات الوطنية للهلال الأحمر والصليب الأحمر العربية في مجال القانون الدولي الإنساني وذلك من خلال دورة ــ عن بعد ــ خلال الفترة 24 ــ 26 نوفمبر 2020 بعنوان ” إعداد المدربين في مجال القانون الدولي الإنساني” ليتولى المدربون بعد ذلك مهمة التدريب في بلدانهم من خلال جمعياتهم الوطنية.

في المحور الأول للدورة قالت الدكتورة آمال إمام : إن القانون الدولي الإنساني هو مجموعة من القواعد القانونية التي تطبق أثناء النزاعات المسلحة بهدف حماية المدنيين والأشخاص الذين توقفوا عن المشاركة في النزاع المسلح؛ وحماية الممتلكات التي ليست لها علاقة مباشرة بالعمليات العسكرية؛ ويضم القواعد التي تنظم أساليب ووسائل القتال؛ مضيفة في مرحلة العصور القديمة لم تكن هناك قواعد تحكم سلوك المتحاربين؛ بل كانت الوحشية وشريعة الغاب هي التي كانت سائدة؛ وفي مرحلة قوانين حمورابي 1790 قبل الميلاد وضعت مبادئ اللين في سلوك المحاربين كدفن الموتى وعلاج الجرحى ؛ وفي مرحلة الفتوحات الإسلامية تم إرساء قواعد ومبادئ الحرب وأعرافها المستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية؛ وتهدف لحماية النساء والشيوخ والأطفال؛ وحسن معاملة الأسرى وحظر قتلهم أو الإساءة إليهم؛ والنهي عن الإجهاز على الجرحى ومنع التمثيل بجثث القتلى؛ وتتجلى القواعد العسكرية والقيود التي وضعها الإسلام على القتال في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم لجيوشه التي أرسلها للحرب بقوله صلى الله عليه وسلم : ” انطلقوا باسم الله ؛ وبالله ؛ وعلى بركة الله؛ لا تقتلوا شيخاً فانياً ولا طفلاً صغيراً؛ ولا إمرأة؛ ولا تغلوا وضعوا غنائمكم وأصلحوا وأحسنوا إن الله يحب المحسنين” كما أوصى أبو بكر الصديق يزيد بن أبي سفيان عندما أرسله على رأس جيش إلى الشام فقال: ” أما بعد .. فإني موصيك بعشر؛ لا تقتلن إمرأة ولا صبياً ولا كبيراًهرماً؛ ولا تقطعن شجراً مثمراً ولا نخلاً ؛ ولا تحرقها؛ ولا تخربن عامراً؛ ولا تعقرن شاة ولا بقرة إلا لمأكله ولا تغلل ولتا تجبن؛ أما في مرحلة أوروبا القديمة فقد سادت مبادئ وتقاليد الفروسية التي حكمت المؤسسة العسكرية الدينية؛ والتي اقتصرت على طبقة النبلاء في عصر النهضة الأوروبية؛ بينما جاءت العصور الوسطى لتؤسس لنظرية ” الحرب العادلة”؛ وظهرت آنذاك نظريات تعرف بـ ” قانون الشعوب أو مبادئ القانون الطبيعي” والتي فرقت بين المقاتلين وغير المقاتلين على يد فلاسفة التنوير؛ كان أبرزهم جان جاك روسو الذي ذكر في كتابه “العقد الاجتماعي” أن الحرب علاقة دولة بدولة أخرى؛ والأفراد فيها أعداء بشكل عرضي فقط؛ وعداؤهم لا يقوم على أساس أنهم بشر أو مواطنون بل على أساس أنهم جنود؛ وبإلقائهم أسلحتهم واستسلامهم فإنهم يعودون من جديد ليصبحوا مدنيين؛ ولا يحق لأي إنسان الاعتداء على حياتهم.

وأضافت آمال أن بداية نشأة قواعد القانون الدولي الإنساني الحديث كانت بعد معركة سلفرينو بمقاطعة لومبارديا بإيطاليا 24 يونيو 1859 بين القوات النمساوية من جهة وقوات فرنسا وسردينيا من جهة أخرى؛ وراح ضحيتها أكثر من 40 الف شخص وعدد مماثل من الجرحى الذين لقوا حتفهم لاحقاً للقصور في الخدمات الطبية؛ ودعا المواطن السويسري هنري دونان في كتابه “تذكار سلفرينو” إلى تجهيز أفراد إغاثة طبية حياديين وقت السلم لتقديم الخدمات الطبية وقت الحرب؛ وانضم إليه 4 مواطنين من سويسرا ليشكلوا اللجنة الخماسية والتي عُرفت لاحقاً باللجنة الدولية للصليب الأحمر التي تمكنت عام 1864 من حمل الحكومة السويسرية على عقد مؤتمر دولي بمشاركة 16 دولة؛ نتج عنه إبرام اتفاقية جنيف لتحسين حال الجرحى في الجيوش الميدانية؛ حيث تم تقديم الإسعافات الأولية والرعاية الطبية للمحاربين والجرحى والمرضى دون أي تمييز؛ وتميز أفراد الخدمات الطبية بشارة الصليب الأحمر على أرضية بيضاء؛ فكانت هذه الخطوة الأولى لتدوين القانون الدولي الإنساني؛ ثم عقدت عدة اتفاقيات أهمها اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 والبروتوكولين الإضافيين لها لعام 1977.

وبينت أن من مصادر القانون الدولي الإنساني اتفاقية جنيف لتحسين حال الجرحى من الجيوش في الميدان 1864؛ إعلان سان بطرسبرغ لتحريم استخدام قذائف معينة في وقت الحرب 1868؛ اتفاقيات لاهاي بشأن قوانين وأعراف الحرب البرية وتطوير مبادئ اتفاقية جنيف لعام 1864 لتشمل الحرب البرية 1899؛ مراجعة وتطوير اتفاقية جنيف لعام 1864 عام 1906؛ مراجعة اتفاقيات لاهاي لعام 1899 واعتماد اتفاقية جديدة 1907؛ بروتوكول جنيف لحظر استخدام الغازات الخانقة أو السامة في الحرب وتحريم أساليب الحرب البكتريولوجية 1925؛ اتفاقية مراجعة اتفاقية جنيف لعام 1906 واتفاقية جنيف بشأن معاملة أسرى الحرب 1929؛ اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 وغير ذلك من الاتفاقيات.

وبينت أن القانون الدولي الإنساني ينطبق على النزاع المسلح الدولي وغير الدولي؛ ويحكم عدد من المبادئ الأساسية التي يجب أن تُحترم من قبل الدول المتنازعة وهي التميز؛ الضرورة الحربية؛ التناسب؛ الإنسانية؛ مؤكدة أن القانون الدولي الإنساني يوجب احترام الأشخاص المدنيين الذين لا يشاركون في النزاع المسلح وحمايتهم ومعاملتهم بشكل إنساني.
وفي المحور الثاني للدورة أوضحت الدكتورة سلمى عبدالعزيز أن الفئات المحمية بموجب القانون الدولي الإنساني تشمل الأشخاص أو الجماعات التي منحها القانون الدولي الإنساني وضعاً قانونياً خاصاً للحفاظ على سلامتهم وتعزيز احترامهم من قبل المتحاربين؛ وهذه الفئات المحمية تتمثل في أفراد القوات المسلحة الجرحى والمرضى في الميدان؛ وافراد القوات المسلحة الجرحى والمرضى والغرقى في البحار؛ وأسرى الحرب؛ والأشخاص المدنيين؛ وضحايا النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية؛ مضيفة أن القانون الدولي الإنساني يحمي الأعيان المدنية التي لا تساهم مساهمة فعالة في العمل العسكري مثل المستشفيات ومركبات الإسعاف والطائرات الطبية والسفن التي تستعمل كمستشفيات؛ والممتلكات الثقافية وأماكن العبادة والآثار والمتاحف؛ والأعيان التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين.

أما في المحور الثالث فقد تحدث الدكتور عباس محمود عن أبرز نقاط التشابه والاختلاف بين فرعين من فروع القانون الدولي العام هما القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان؛ حيث بدأ مداخلته بالحديث عن الإطار التاريخي الذي تبلور من خلال هذه الفرعين؛ وخلص إلى ما يلي: إن هناك تكامل بين القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان؛ فكلاهما يسعى إلى حماية أرواح البشر وصحتهم وكرامتهم؛ فالقانون الدولي الإنساني ينطبق في أوضاع النزاعات المسلحة؛ ويهدف إلى حماية الأشخاص الذين لا يشاركون أو توقفوا عن المشاركة في الأعمال العدائية؛ في حين ينطبق القانون الدولي لحقوق الإنسان في جميع الأوقات؛ ويحمي جميع البشر؛ وغيرها من النقاط التي أجملها الدكتور عباس في ملخص مركز وهو أن القانون الدولي الإنساني يعتبر جزءاً من القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وأوضح أ. فرقان قيس أثناء حديثه في المحور الرابع أن الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر تعد حركة إنسانية تهتم بتجنب المعاناة الإنسانية وتخفيفها وحماية الحياة والصحة وضمان احترام الإنسان خاصة في أوقات النزاع المسلح وحالات الطوارئ الأخرى؛ مشيراً إلى أن مبادئها هي الإنسانية؛ عدم التحيز؛ الحياد؛ الاستقلال؛ الخدمة التطوعية؛ الوحدة؛ العالمية؛ ومكونات الحركة الدولية هي الجمعيات الوطنية للهلال الأحمر والصليب الأحمر ؛ واللجنة الدولية للصليب الأحمر؛ والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر.

أما الدكتور محمد النادي المشرف على المركز العربي للقانون الدولي الإنساني فقد تحدث عن آليات تنفيذ القانون الدولي الإنساني؛ موضحاً أن المسؤولية الأولى لتطبيق الاتفاقيات المكونة للقانون الدولي الإنساني تقع على عاتق الدول الأطراف في مواثيق القانون الدولي الإنساني عموماً وعلى الأطراف المتنازعة خصوصاً؛ إضافة إلى قنوات أخرى؛ ؛ وهناك نوعين من الآليات لتنفيذ القانون الدولي الإنساني هما الآليات الوطنية والآليات الدولية؛ الوطنية تتمثل في التزام جميع الدول المتعاقدة بالعمل على احترام الاتفاقيات وفرض احترامها ونشرها على نطاق واسع؛ ويبدأ الإعداد لذلك في زمن السلم من خلال وضع البرامج العلمية والتدريبية لكل من لهم علاقة بالعمليات العسكرية أو الذين يتعاملون مع أسرى الحرب وترتيب الإجراءات الملائمة لذلك؛ وتضم الآليات الوطنية آليات وقائية وأخرى رادعة أو عقابية؛ أما الآليات الدولية فتتمثل في نظام الدولة الحامية وهي الطرف المتعاقد المحايد الذي يتفق طرفا النزاع على تعيينه لرعاية مصالح أحدهما لدى الآخر؛ كما أن اللجنة الدولية معنية بتحقيق احترام القانون الدولي الإنساني وتطبيقه ونشر الوعي بمبادئه ؛ وهناك اللجنة الدولية لتقصي الحقائق يمكن أن تقوم بأعمال التحقيق في النزاعات الداخلية إذا وافق أطراف النزاع على ذلك؛ فيما تطبق المحاكم الدولية القاعدة العامة للمسؤولية المتبعة في القانون الدولي الإنساني على انتهاك هذا القانون؛ ومنها المحاكم الجنائية المؤقتة والمحاكم الدولية الخاصة والمحكمة الجنائية الدولية الدائمة.

Leave a Comment

Your email address will not be published.