أكد أمين عام المنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر “آركو” الدكتور صالح بن حمد التويجري أهمية استثمار اليوم العالمي للعمل الإنساني الذي انطلقت احتفالاته تحت شعار “السباق من أجل الإنسانية” في دعم العمل الإنساني والتضامن الإنساني لمواجهة التحديات الإنسانية.
وقال “د. التويجري” في احتفالية المركز العربي للقانون الدولي الإنساني في “آركو” باليوم العالمي للعمل الإنساني يوم ١٩ أغسطس ٢٠٢١ : ما أحوجنا للاحتفال بهذا اليوم؛ ليس في يوم واحد فقط بل على مدار العام ليتسنى لنا العمل باستمرار لتطوير العمل الإنساني في وقت يتزايد فيه معدل الكوارث في عدد من دول الوطن العربي؛ فلنتعاون في تعزيز الجهود لمواجهة تحديات العمل الإنساني ومنها اتساع نطاق حالات الطوارئ والكوارث المناخية؛ وما ينجم منها من اضرار وخسائر في الأرواح والممتلكات وسبل معيشة الناس.
وعدّ أمين عام المنظمة العربية اليوم العالمي للعمل الإنساني فرصة سانحة لمضاعفة العمل بغية الحد من التغيرات المناخية للحفاظ على كوكب الأرض سليماً معافى؛ وتسليط الضوء على العواقب المباشرة لحالات الطوارئ المناخية على ذوي الإمكانات المحدودة الأضعف من الناس والتعريف بمشكلاتهم والعمل على تأمين احتياجاتهم.
واضاف “د. التويجري”: في هذا اليوم نحتاج أكثر من أي وقت مضى لتفعيل حراك الجهات المعنية على المستوى القطري والإقليمي والدولي في دعم العمل الإنساني القائم على المبادئ الأساسية للحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر؛ وتوفير التمويل اللازم من أجل تطويره؛ وتقدير العاملين في المجال الإنساني؛ وتشجيعهم على الاستمرار في حماية وخدمة وإغاثة اللاجئين والنازحين؛ وإطلاق مبادرات نوعية تعزّز الاستجابة الإنسانية وتدعم التنمية المستدامة؛ كما نحتاج إلى تفعيل الدبلوماسية الوقائية ونشر قيم التسامح والحوار مع الآخر من احل وضع حد للنزاعات والصراعات المسلحة التي تنتج عنها تداعيات إنسانية كبيرة تتطلب تكثيف الحراك لوضع حد لها؛ فلنعمل على نشر التوعية بأهمية العمل الإنساني في تعزيز الإخاء وإرساء قيم الإنسانية وإعانة الذين يصعب عليهم تلبية المتطلبات الحياتية الأساسية خاصة في الأوقات التي تكثر فيها الكوارث الطبيعية وغير الطبيعية التي هي نتاج لتدخل الإنسان كالنزاعات المسلحة والتغيرات المناخية.
وثمّن الدكتور عبدالرحمن بن فهد الفهدي مدير إدارة الصحة في قطاع شؤون الإنسان والبيئة في الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في كلمة ألقاها نيابة عن الأمين العام المساعد لشؤون الإنسان والبيئة في احتفالية اليوم العالمي للعمل الإنساني؛ ثمّن جهود المنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر في مجال العمل الإنساني والإغاثي؛ وأشاد بجهودها في مواجهة الجائحة ومساهماتها في الحد من انتشارها حماية لأرواح الكثير من البشر في المنطقة والعالم؛ وقال : ساهم العمل الخليجي المشترك بما يتعلق بتوحيد رؤية هيئات وجمعيات الهلال الأحمر بدول المجلس في تنفيذ مبادرات تهدف للعطاء الإنساني والمادي؛ وبذل الجهود كافة لمواجهة جائحة (كوفيد ــ 19) ؛ مضيفاً تؤكد الأمانة العامة على استمرار الجهود لتعزيز مفهوم العمل الإنساني والتطوعي في دول المجلس ؛ لما له من دور إيجابي في تحقيق التنمية المستدامة في الدول الأعضاء ودول المنطقة؛ كما تعمل هيئات وجمعيات الهلال الأحمر بدول المجلس على أسس خيرية وتطوعية وتهدف لخدمة الإنسانية من غير تحيز أو تعصب تجاه عرق أو دين.
وأكد على أهمية توحيد المواقف وتنسيقها فيما يتعلق بالتعاون الإقليمي والدولي في المجال الإنساني والإغاثي ؛ وهذا ما أكده قادة دول مجلس التعاون في قمة العلا “قمة السلطان قابوس والشيخ صباح”؛ حيث جاء في البيان الختامي ما يؤكد بأن التحديات التي تواجهها المنطقة تتطلب تعزيز علاقات التعاون والشراكة؛ ورفع مستويات التنسيق في كافة المجالات؛ مع كافة الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات الإقليمية والدولية الفاعلة؛ وتنفيذ خطط العمل المشترك وفق برامجها الزمنية.
وقال أ. سعيد الحسن اليحيى من الهلال الأحمر السعودي: إن العمل الإنساني في المملكة العربية السعودية ثقافة مجتمعية قائمة على حب العطاء باستمرار؛ بنيت على أسس إنسانية أرساها قادة هذا الوطن منذ عهد مؤسس كيان الدولة الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه.
وأضاف أن الاحتفال باليوم العالمي للعمل الإنساني يأتي لتقدير جهود العاملين في المجال الإنساني الذين أدوا دوراً مهماً في ميادين العمل الإنساني بوصفهم رمزاً للمحبة والخير والعطاء؛ موضحاً أن هيئة الهلال الأحمر السعودي مستمرة في تقديم عملها الإنساني من خلال مباشرة الحالات الاسعافية الطارئة مع الأخذ بكافة الاحتياطات والتجهيزات التي تضمن سلامة الفرق الطبية والاسعافية التي تباشر حالات الاشتباه من الإصابة بفيروس كورونا؛ وكما قال رئيس هيئة الهلال الأحمر السعودي الدكتور جلال العويسي ” بأن الهيئة حريصة على ترسيخ ونشر القيم الإنسانية وتعزيز وعي المجتمع بأهمية العمل الإنساني بما يساهم في نماء وبناء المجتمع نحو الارتقاء بمنظومة العمل الإنساني وفقاً لأفضل المعايير العالمية؛ وبأن القيم الإنسانية هي أحد الرسائل السامية التي تتبناها الهيئة لتلهم بها المجتمع والعالم”
وأختتم قائلاً : إن العمل الإنساني يمثل أهمية كبيرة خاصة في ظل ما يشهده العالم من تحديات كبيرة الأمر الذي يتطلب المزيد من التعاون والتنسيق بين المنظمات الإنسانية للتحرك نحو استجابة أكثر كفاءة للمحتاجين حول العالم.
وأعرب دكتور عبدالمجيد بن محمد بن إبراهيم مبرد من جامعة الملك سعود عن سعادته بالمشاركة في احتفالية اليوم العالمي للعمل الإنساني لتقدير الجهود المبذولة لخدمة الإنسانية؛ وتثمين تلك التضحيات التي قدمت خلال مواجهة جائحة كورونا والتي كان لها الأثر في إبراز الروح الإنسانية التعاونية بين أفراد المجتمع من قبل جميع شرائح المجتمع؛ مضيفاً أن قيمة الإنسان تجلت خلال تلك الجائحة التي أثبتت أن الإنسانية هي أغلى وأهم ما يجب أن نوليه الاهتمام اللازم؛ وكما قال سيدي خادم الحرمين الشريفين ــ حفظه الله ورعاه ــ أن صحة الإنسان اولا وقبل كل شيئ.
وأوضح أن جامعة الملك سعود تفخر بما قدمته في التصدي للجائحة بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة للمساهمة في تخفيف أثرها؛ وقال: كانت الجامعة مثال يحتذى به في استمرار العمل الأكاديمي والتدريس عن بعد رغم تلك الظروف؛ كما كان منسوبي الجامعة من طلاب وأعضاء هيئة تدريس وموظفين في مقدمة مقدمي الأعمال التطوعية والإنسانية؛ وساهمت الجامعة من خلال منشآتها الصحية في تقديم الرعاية الصحية والفحوصات الموسعة والتقصي الإحصائي؛ وكان لها دورها بفضل الله في التخفيف من تداعيات الجائحة بالتنسيق مع وزارة الصحة؛ ونشير هنا إلى أن الجامعة تصدرت قائمة الجامعات العربية في مجال البحوث المتعلقة بكورونا بنسبة ١٠.٧ في المائة من إجمالي البحوث العربية
من جهته قال أ. إبراهيم عثمان مستشار الأمين العام للمنظمة العربية للشؤون الإنسانية : توسع حجم ونطاق العمل الإنساني وازدادت أهميته بشكل ملحوظ منذ نهاية ثمانينات القرن الماضي؛ ومن مظاهر هذا التوسع الاهتمام الذي حظي به العمل الإنساني خلال مرحلة ما بعد الحرب الباردة؛ فالدول والحكومات الغربية بدأت في إدراج “العمل الإنساني” ضمن أجندة سياساتها الخارجية فتضاعفت وتيرة المعونات الإنسانية من 2 مليار دولار أمريكي خلال عام 1999 لتصل إلى 6 مليار دولار عام 2000؛ كما حظي النشاط الإنساني باهتمام العديد من المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة والبنك الدولي وكذا المنظمات غير الحكومية بعد النمو الكبير في أعدادها خلال ما بعد الحرب الباردة.
وأضاف بات العمل الإنساني يحتل حيزاً كبيراً في أجندة السياسة الدولية ويعرف العمل الإنساني بمفهومه البسيط والمتعارف عليه بأنه ذلك النشاط الهادف إلى تقديم المساعدة والإغاثة للأفراد والجماعات الذي يواجهون خطر يهدد حياتهم؛ وهو عمل لا تحكمه عوامل المصلحة السياسية حيث أن أغراضه ذات طبيعة إنسانية خالصة ويقوم على مجموعة من المثل والمبادئ المتمثلة في مبدأ الإنسانية؛ والنزاهة؛ والحيادية؛ والاستقلال؛ فمبدأ الإنسانية يبرز الهدف من العمل الإنساني وهو موجه للإنسانية جمعاء؛ ويدعو مبدأ النزاهة إلى تقديم الخدمات الإنسانية دون التمييز على أساس الجنس أو العرق أو اللون أو الدين أو الانتماء السياسي؛ بينما يدعو مبدأ الحياد والاستقلالية إلى الامتناع عن المشاركة في الأعمال العدائية أو الانحياز للأطراف المتحاربة وأن لا تكون المساعدات الإنسانية مرتبطة بأجندة هذه الأطراف أو أية أطراف أخرى لها مصلحة في النزاعات؛ وعلى الرغم من الطابع الأخلاقي الذي يمثله العمل الإنساني مثل التخفيف من معاناة الأفراد المتضررين وحماية حقوق الإنسان وأنشطة التنمية الاقتصادية ــ على الرغم من أغراضها الإنسانية ــ باتت تحمل أبعاداً سياسية كونها تركز على إعادة هيكلة العلاقات الاجتماعية والاقتصادية؛ فقد بدأت المنظمات الإنسانية تقبل فكرة ضرورة العمل على وضع حد لجذور وأسباب المعاناة الإنسانية التي تنتج عن الصراعات والحروب وهذا التوجه نقل المنظمات الإنسانية إلى عالم السياسة وفرض عليها العمل إلى جانب الدول ومشاركة الأجندة معها؛ فالدول بدأت الاهتمام بالعمل الإنساني وأدخلته ضمن نطاق أجندتها السياسية عبر عمليات الدعم لأعمال الإغاثة وارسال الجيوش لتقديم المساعدات وإعطاء شرعية للتدخل من أجل حماية المدنيين ( التدخل الإنساني) ؛ ولئن كان العمل الإنساني تحول خلال فترة ما بعد الحرب الباردة إلى عالم السياسة فإن التحول الآخر تمثل في التطور المؤسسي الذي نقل هذا النشاط إلى عالم التخصص خاصة في حالات التفاعل والتنسيق بين المنظمات ــ آليات تنظيم النشاط ومواثيق يحكم سلوكها.
وأستطرد أ. إبراهيم قائلاً: هناك أربع عوامل ساعدت في توسع العمل الإنساني وزيادة الطلب عليه هي :
ــ ازدياد وتيرة الكوارث الإنسانية بدرجة أكبر مقارنة بالماضي.
ــ ظهور ما عُرف ب “حالات الطوارئ الإنسانية المعقدة “.. (فشل الحكومات وانهيارها ــ هجرات السكان والمليشيات واللاجئين والمقاتلين ــ انتشار الأوبئة وغياب الخدمات) استدعى ذلك إيجاد نوعيات خاصة من التدخل لإدارة الصراعات والحاجة للحماية لتقديم الخدمات الإنسانية؛ وأدى ذلك إلى توسيع أهداف العمل الإنساني (حقوق الإنسان وحماية المدنيين)
ــ مضاعفة ميزانيات العمل الإنساني
ــ التغيير في البنية القانونية والشروط التي فرضتها الدول الغربية على الدول النامية في إطار سياسات العولمة بمعنى أن سيادة الدول لم تعد مقدسة؛ وأصبحت شرعيتها مرتبطة بسلطة القانون وحرية الأسواق والمبادئ الديمقراطية؛ وهذه التغيرات خلقت فراغات للتدخل الخارجي وأصبح العمل الإنساني والمعونات الإنسانية للمتضررين عابرا للكون ومتجاوزا للحدود الوطنية للدول.
وتحدث أ. إبراهيم عن التوسع والتحول المؤسسي للعمل الإنساني فقال:
كانت المنظمات الإنسانية تنظر للعمل الإنساني من زاوية انه عمل والتزام أخلاقي وليس كمهنة مستقلة؛ إلا أنه بحلول عام ١٩٩٠ أصبح عملا مستقلا بعد زيادة عمليات التفاعل وزيادة أعداد المنظمات الإنسانية وتراكم التجارب والمعارف والوعي الجماعي لدى كافة الأطراف بضرورة التنسيق؛ ومن هنا أصبح حقل العمل الإنساني أكثر عقلانية وظهر التوجه لوضع مناهج لحساب النتائج وقواعد لتوجيه الاستجابات الموحدة وإجراءات لتحسين الكفاءة وتحديد الوسائل التي تضمن تحقيق النتائج.
وقال الدكتور عبدالله الهزاع مستشار أمين عام المنظمة في مداخلة له: المشاركون في هذا اللقاء هم ربان سفينة الإنسانية التي تواصل ابحارها من أجل تخفيف المعاناة الإنسانية؛ ولعل البيئة تشكل جزءاً من متطلبات الإنسانية ولا بد من المحافظة عليها لمنع أي إخلال بمكوناتها من أجل وضع حد للكوارث؛ ومن هنا جاء طرح سمو الأمير محمد بن سلمان ولي عهد المملكة العربية السعودية مشروع “السعودية الخضراء” ومشروع “الشرق الأوسط الأخضر” للإسهام في التصدي للأخطار البيئية؛ والمنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر انطلاقاً من رسالتها فقد أنشأت المركز العربي للاستعداد للكوارث مهمته التنبؤ بالكارثة قبل وقوعها والمساعدة في إدارة الكارثة عند وقوعها للتقليل من آثارها؛ ثم المساهمة في مرحلة إعادة التأهيل بعد انتهاء الكارثة؛ كما أن حماية الكرامة الإنسانية جزء من الاهتمام الذي توليه المنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر؛ حيث أنه مرتبط بالكوارث فالمأساة الإنسانية قد تتزامن معها إساءة معاملة الضحايا ومن هنا أنشأت المنظمة العربية مركزاً عربياً للقانون الدولي الإنساني.