نزع السلاح والتنمية المستدامة

نزع السلاح والتنمية المستدامة

إن نزع السلاح واثاره الايجابية على التنمية الاجتماعية والاقتصادية له صدى وأهمية كبيرة على المجتمع الدولي، عكس “سباق التسلح” والانفاق العسكري المستمر الذي يؤثر سلبا على موارد العالم البشرية والمالية والطبيعية ويلقي عبأ ثقيلا على اقتصاد بلدان العالم وبالأخص الدول النامية والفقيرة.

إن علاقة التنمية والتسلح والنفقات العسكرية مرتبطة ارتباطا وثيقا نظرا للقصور المتنامي في توفير المواد الضرورية للتنمية في الوقت الذي تتزايد فيه النفقات العسكرية أثناء الصراعات والذي يؤدي الي خلل كبير في عملية التنمية بحيث تقوم بعض الدول الاقتراض واستغلال الموارد الطبيعية لاستثمارها في التسلح على حساب علمية التنمية.

تعتبر أهداف التنمية المستدامة، والمعروفة كذلك باسم الأهداف العالمية، دعوة عالمية للعمل من أجل القضاء على الصراعات والسلاح ومخلفات الحروب، وغالبا ما يكمن مفتاح النجاح في تحقيق الأمن وإحلال السلام في معالجة قضايا ترتبط بشكل وثيق بأهداف التنمية المستدامة. حيث يعد ضمان تمتع الناس بالسلام والأمان والازدهار العجلة المحركة لنهوض الشعوب والخطط التنموية والتربوية والاجتماعية والاقتصادية.

وكما هو معلوم أن الحروب والنزاعات المسلحة أدت إلى نتائج مدمرة أصابت التنمية المستدامة ونخص بالذكر منها ما تسببت به الألغام الأرضية على وجه الخصوص وما كبّدتها من خسائر ضخمة في الأرواح والمداخيل والصحة والبنى التحتية وباقي المجالات الحيوية الاخرى. فالألغام الأرضية تحول دون استغلال الدول لمناطق شاسعة من أراضيها كما هو حاصل في جمهورية مصر العربية باعتبارها الدولة الأكثر تضررا في منطقتنا العربية من الالغام بالإضافة الى ارتفاع تكلفة تطهير تلك الأراضي. ومن الاثار السلبية التي تسببها الألغام أيضا في جانب الزراعي أنها تعيق عمليات التنمية الزراعية في بعض مناطق الخصبة وتعطل زراعة مساحات شاسعة من الأراضي الصالحة للزراعة واستغلال المياه الجوفية مما يؤدي الى تفشي الفقر في الدول النامية التي تعتمد على الزراعة كمصدر أساسي لتمنيتها.

اما بالنسبة الى الجانب الاقتصادي فقد تعطل مشروعات توليد الطاقة المتجددة بسبب اعتراض الألغام بالإضافة الى تعطيل عمليات التنقيب عن البترول واكتشاف ثروات ومخزون تلك الأراضي الشاسعة وتفاقمت هذه المشاكل بتزايد احتياجات السكان النازحين والمهجرين، مما أدى الى ضياع فرص التنمية لعقود طويلة بسبب عملية الاستشفاء التي واجهتها الدول من جراء الحروب، وكذلك بارتفاع النفقات العسكرية وتراكم الديون. ومن بين أبرز النتائج السلبية لانتشار الألغام هو ارتفاع تكلفة المشاريع التي تقام بتلك المناطق و بالتالي ارتفاع تكاليف تطهيرها من الألغام. حيث إن لغم واحد يصنع بثمن بسيط ولكن يحتاج مبالغ طائلة لإزالته.

ومن بين تلك المعضلات أيضا التي تواجهها تلك الدول لإيجاد حلول لتخطي إشكالية انتشار الألغام الأرضية هي عدم وجود خرائط لهذه الأخيرة مما يؤدي الى طول مدة تطهير تلك الأراضي التي استخدمت اراضيها على خريطة العمل الدولية لمكافحة الألغام.

 

أ. رهاف سعد السهلي، المشرف على مركز المعلومات والدراسات والتوثيق.
المنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر

Leave a Comment

Your email address will not be published.