معاناة اللاجئين .. التحديات والحلول

معاناة اللاجئين .. التحديات والحلول

بقلم: د. صالح بن حمد التويجري

الأمين العام للمنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر

تظل قضية اللجوء والنزوح القسري إحدى أكثر القضايا الدولية ذات التداعيات الإنسانية الخطيرة، وسببها الأساسي يكمن في الصراعات المسلحة والعنف وانتهاكات حقوق الإنسان والنزاعات الإنسانية التي تدفع بملايين السكان إلى الهروب من بلدانهم بحثاً عن أماكن آمنة يعيشون فيها دون تعرضهم لأي مآس، ولكنهم في الواقع دائماً ما يهربون من جحيم إلى جحيم آخر أشد قسوة، واجه بعضهم في رحلة اللجوء مخاطر الغرق والنصب من قبل عصابات متخصصة في الإتجار بالبشر، وغير ذلك من التحديات، وعندما وصلوا إلى مبتغاهم بشق الأنفس استقبلتهم مخيمات تفتقر لأدنى مقومات الحياة، لسان حالهم يغني عن السؤال.

إن فيروس كورونا الذي تفشى في مساحات واسعة من الكرة الأرضية سيهدد ملايين اللاجئين والنازحين إذا لم يتم تأمين أجهزة الفحص وتمكينهم من العلاج من أي عدوى وبائية بصفة عامة وكورونا بصفة خاصة، وهم يعيشون في مخيمات ضيقة تجعل التباعد الاجتماعي فيما بينهم أشبه بالخيال والرفاهية التي لا يمتلكونها أصلاً في أماكن مكتظة وغير صحية، تعاني من نقص حاد في وسائل الحماية الضرورية من الفيروس، ولعل مخيمات قطاع غزة أبرز دليل على هذه المعاناة الإنسانية حيث يقدر عددهم بمليون ونصف المليون لاجئ ؛ وبهذا فهم يشكلون أعلى نسبة كثافة سكانية على الكيلومتر المربع مما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض الوبائية والمعدية، وتتفاقم الحالة المأساوية عندهم في ظل الحصار الظالم المفروض على القطاع، وتعنت سلطات الاحتلال، ورفضها السماح بإدخال وسائل وأدوات الحماية الضرورية إلى القطاع بذرائع تخالف أبسط مبادئ الإنسانية.

هذا هو حال اللاجئين يواجهون معاناة إنسانية كبيرة، وللتخفيف منها لا بد من النظر إلى قضيتهم كقضية دولية تتطلب تكاتف دول العالم أجمع من أجل تعزيز المشاركة الدولية في تلبية احتياجاتهم المتزايدة، وتقديم ما يمكن تقديمه من دعم لمساعدتهم، وتعزيز استراتيجيات تأمين الحماية اللازمة لهم خصوصاً مع ازدياد عددهم وتناسل المآسي وتزايد النزاعات الإنسانية وتعددها وتفاقمها، والتعامل مع هذه القضية كقضية إنسانية بالدرجة الأولى بعيداً عن أي اعتبارات أخرى، وعلى المجتمع الدولي أن يضع في اعتباره أن هؤلاء الهائمين على وجوههم في أمس الحاجة للمأوى والأغذية والرعاية الصحية والتعليم وغير ذلك من الخدمات الاجتماعية، وبموجب اتفاقية جنيف الرابعة لا بد أن يعاملهم البلد المضيف  معاملة تفضيلية وأن يمتنع عن معاملتهم كأجانب على أساس جنسيتهم، ألا يكفي أنهم تفرقوا وتناثروا كأوراق الأشجار في عاصفة هوائية .. آباء وأزواج وأشقاء وشقيقات وأطفال في عمر الزهور تفرقوا عن بعضهم البعض .. كل يهيم على وجهه .. لا يملكون من حطام الدنيا شيئاً، ومع هذا الوضع المتفاقم السوء لا بد للحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر أن تطلق المزيد من الشراكات الدولية الداعمة للعمل الإنساني من أجل مساندة الدول المستضيفة لهم لتعزيز دورها الإنساني في تقديم ما يمكن تقديمه من مساعدات وخدمات لوجستية لهم.

ولأن أزمة اللجوء لم تعد خاصة بإقليم معين دون غيره، ولأنها أصبحت عالمية لا بد من تبني استراتيجية دولية مشتركة للتعامل معها وإيجاد الحلول اللازمة لها وذلك بتفعيل جهود كل النخب الفاعلة في الكرة الأرضية لوضع حد للصراعات المسلحة ونشر ثقافة السلام والسماحة بدلاً من النزاعات، ولعل الاعتراف الدولي بأزمة اللجوء والنزوح يكون أقصر طريق لمواجهتها واجتثاثها من جذورها.

ختاماً أرى أن تأمين الحماية اللازمة للاجئين والنازحين يتحقق من خلال تطبيق نصوص القانون الدولي الإنساني والتعريف بها ونشرها لتفعيل العمل بمقتضاها في إثراء العمل الإنساني وتأمين الرعاية والحقوق المنصوص عليها في القوانين الدولية لكل من لجأ أو نزح هروباً من النزاعات والصراعات.

Leave a Comment

Your email address will not be published.