أسرى الحرب والقانون الدولي الإنساني

أسرى الحرب والقانون الدولي الإنساني

لقد أولى القانون الدولي الإنساني حماية خاصة لفئة الأسرى، ومنحهم حقوقا وامتيازات من منطلق أنهم مقاتلين شرعيين وليسو مجرمين.

فمن هذا المنطلق تأتي هذه الدراسة لتسلط الضوء على واقع الأسير الفلسطيني في سجون سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وما يعانيه من تعذيب، وحرمان من أبسط الحقوق، تحت ذريعة أنهم مجرمين، وإرهابيين. فما مدى صحة هذا الادعاء؟

لأجل مقاربة هذا التساؤل  انطلقنا من تعريف  مفهوم أسير حرب، و الأشخاص الذين ينطبق عليهم هذا المفهوم، ثم الامتيازات التي يخولها لهم التمتع بمركز أسير الحرب ، حيت خلصنا إلى أن كافة فصائل المقاومة الفلسطينية تنطبق عليها مواصفات المقاتل الشرعي كما جاءت بها  اتفاقية جنيف الثالثة لسنة 1949 والبروتوكول الإضافي الأول لسنة 1977، وبالتالي فإن الممارسة اللاإنسانية التي يعانون منها من طرف السلطات الإسرائيلية ، تعتبر بموجب مقتضيات القانون الدولي الإنساني جريمة حرب، تستوجب التدخل الفوري لوضع حد لها.

 

إن النزاعات المسلحة قديمة قدم البشرية، فهي تنشب بين الأطراف المتعادية من أجل محاولة فرض سيطرة طرف على طرف أخر، من خلال شل القدرات القتالية للخصم وإرغامه على الاستسلام، عن طريق أعمال القتل والجرح والأسر.

هذا الأخير الذي استخدم كوسيلة للحد من القدرة العددية للعدو، لأن الأسير طالما كان محتجزا فهو لا يشكل خطرا على آسريه، إلا أن الإشكال الذي بقي ملازما لظاهرة الأسر هو الانتهاكات الجسيمة التي تمس حقوقه المادية والمعنوية والمالية من جانب الدولة الحاجزة، ومن ثم كان الأسرى عرضة للقتل، والاستعباد والتعذيب الوحشي، بغرض الحصول على المعلومات العسكرية والاستخباراتية ، أو انتقاما منه أو بغرض دفعه لتغيير ولائه.

وتبعا لذلك بذلت عدة محاولات وجهود من أجل إرساء قواعد وضوابط و أحكام اتفاقية مستمدة من الشرائع السماوية والمفاهيم التقليدية للفروسية التي تقضي باحترام شرف المقاتلين، والاتفاقيات الدولية لتوفير حدود مقبولة من المعاملة الإنسانية، وللحد من انتهاكات حقوق أسرى الحرب وردع مقترفي الخروقات التي تطال هذه الفئة من الضحايا.

وقد توالت الجهود من جانب المجتمع الدولي عبر مراحل متعاقبة بغرض تطوير حقوق الأسرى والتوسع في الحماية المكفولة لهم، وقد تجسد ذلك من خلال اعتماد عدة اتفاقيات ولوائح، بدءا باتفاقيات لاهاي (1899-1907)، وكذا اتفاقيات جنيف لعام 1949 بالإضافةإلى البروتوكول الإضافيالأول لعام 1977.

وعليه فانطلاقا من الممارسة الدولية التي هدفت إلى تطوير قواعد حماية الأسرى تكرس مبدأين أساسيين،  المبدأ الأول يتجلى في أن الأسر خلال الحرب ليس بغرض العقاب أو الانتقام… بل الهدف منه هو الحجز الوقائي والمبدأ الثاني فيقضي أن أسير الحرب يقع تحت مسؤولية الدولة الحاجزة وليس أفراد القوات المسلحة التي احتجزته.

إلا أن الواقع الدولي يقر بأن قيمة حياة أسرى الحروب وكرامتهم وسلامتهم البدنية بقيت نسبية فقط، حبيسة النصوص في ظل غياب آليات تضعها موضع التنفيذ، وخير مثال على ذلك الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. حيث تمارس ضدهم أبشع صور التعذيب، تحث ذريعة أنهم مجرمين وليسوا مقاومين يتمتعون بصفة أسرى الحرب عند إلقاء القبض عليهم، حسب مقتضيات المادة الثالثة من اتفاقيات جنيف لسنة 1949م.

وعليه فإن التساؤل الذي يفرض نفسه هنا هو: ما مدى شرعية هذا الإدعاء الإسرائيلي؟

للإجابة على التساؤل أعلاه سننتهج التصميم التالي:

 

  • أولا:تعريف أسير الحرب وتمييزه عن المفاهيم المشابهة له
  • ثانيا:الأشخاص الذين تنطبق عليهم صفة أسير الحرب
  • ثالثا: حقوق وواجبات أسرى الحرب
  • رابعا: وضع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية
  • خامسا: مبررات الممارسة الإسرائيلية تجاه الأسرى الفلسطينيين

 

أولا:تعريف أسير الحرب وتمييزه عن المفاهيم المشابهة له

إن محاولة تحديد المعنى الدقيق لمصطلح أسرى الحرب هو من الصعوبة بمكان، ومن هذا المنطلق سنعمل على تحديد معالم هذا الوصف انطلاقا من تمييزه عن المفاهيم المشابهة له، ثم ما ورد في اتفاقيات القانون الدولي الإنساني والفقه الإسلامي كتعريف لهذا الأخير.

-أ- تعريف أسرى الحرب

1- تعريف أسرى الحرب لغة

الأسرى جمع أسير، والأسير كما جاء في القاموس المحيط هو الأخيذ والمقيد المسجون([1])، وفي نفس المعنى يقول ابن منظور: الأسير هو الأخيذ وأصله من ذلك، هو كل محبوس في قيد أو سجن هو أسير([2]).

وقد تحدث بعض العلماء في اللغة عن جمع أسير فقال عمر بن العلاء:ما صار في أيديهم فهم الأسرى، وما جاء مسترسلا فهم الأسارى، وقال بعضهم: إن لفظ أسرى يعد جمع الجمع. وأن لفظ أسير يجمع أيضا على أسراء. كضعيف وضعفاء وعليهم علماء، وقيل أن الأسرى هم غير الموثوقين عندما يؤخذون، والأسارى هم الموثوقون ربطا ([3]).

أما في القران الكريم فلم يرد الجمع إلا بصيغتين اثنتين:

_ الأولى: أسرى في قوله عز وجل :{{ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض}}.([4]) وقوله تعالى أيضا: {{يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم}}([5]).

_ الثانية:  أسارى بضم الهمزة في قوله تعالى: {{وان يأتوكم أسارى تفادوهم وهو محرم عليكم إخراجهم}} ([6]).

وكلا الصيغتين تنصرفان إلى الأسرى المأخوذين في الحرب، إذ الصيغة الأولى في الآيتين السابقتين من سورة الأنفال تتحدث عن الأسرى في غزوة بدر، والصيغة الثانية الواردة في سورة البقرة تتحدث عن أسرى اليهود فيما كان من عداوات بينهم ([7]).

-2- تعريف أسرى الحرب في الفقه الإسلامي

يعرف الدكتور وهبة الزحيلي أسرى الحرب بقوله:هم الرجال المقاتلون من الكفار إذا ظفر المسلمون بأسرهم أحياء([8])، كما يعرف الدكتور عبد اللطيف عامر الأسير بأنه الشخص الذي يقع في يد قوم بينهم وبين قومه عداوة يتوقع منها قيام الحرب المسلحة، ويشترط في هذا الأسير انتماءه إلى أعداء آسريه، وقد يكون من المحاربين، وقد لا يكون كذلك ([9]).

ومما تجدر بنا الإشارة إليه أنه في الفقه الإسلامي يشترط قيام حالة الحرب حتى يتحقق وضع الأسير، فقد يحدث الأسر دون قتال، مثل أن تلقي السفينة شخصا من الكفار إلى ساحل بلاد المسلمين، أو أن يضل أحدهم أو يؤخذ بحيلة ([10]).

-3- تعريف أسرى الحرب في القانون الإنساني

بالرغم من أن الصكوك الدولية قد اهتمت بفئة أسرى الحرب وألحقتها ضمن فئات الأشخاص ضحايا النزاعات المسلحة التي تستوجب حماية خاصة، إلا أن المتأمل في تلك الاتفاقيات يلاحظ خلوها من أي تعريف لمصطلح أسرى الحرب ([11]). ولعل مرد ذلك إلى كثرة الوضعيات التي يكون عليها الشخص زمن النزاعات المسلحة ويثبت له بموجبها المركز القانوني لأسير الحرب.

وقد انعكس هذا بشكل جلي حتى على نص المادة الرابعة من اتفاقية جنيف الثالثة لسنة1949 التي لم تتضمن تعريفا، بل اقتصرت على تقديم وضعيات تثبت بموجبها للشخص صفة أسير الحرب.

رغم ذلك يمكن إيراد التعريف الذي قال به الدكتور عمر سعد الله: “أسرى الحرب هم الأشخاص الذين يتم إلقاء القبض عليهم مؤقتا من طرف العدو في نزاع مسلح ليس لجريمة ارتكبوها، وإنما لأسباب عسكرية”. فهذا التعريف يتميز بجملة من الخصائص تتوفر في اصطلاح أسرى الحرب بناء على ما تقرره المواثيق الدولية، حيث أنه يضمن للعسكريين من رعايا الدول المتحاربة وللأفراد المدنيين الذين يكتسبون هذه الصفة من القانون الدولي إذا ما وقعوا في قبضة الخصم الانتفاع من وضع أسرى الحرب، هذا من جهة، ومن جهة أخرى يجعل الأسر مجرد إجراء مؤقت،إذ يعادون إلى أوطانهم فور انتهاء العمليات الحربية، باعتبارهم أشخاص محتجزين لا لارتكابهم أفعال مجرمة، وإنما نتيجة أعمال يجيزها القانون الدولي، وحمل هؤلاء الأشخاص لصفة أسير الحرب يقتضي بالضرورة واجب المعاملة الإنسانية لشخصهم وحمايتهم من الاعتداء والتمتع بالضمانات والامتيازات المقررة بموجب قواعد القانون الدولي الإنساني ([12]).

وقد تم تقنين الأسر في القانون الدولي بموجب الفصل الثاني من اللائحة الملحقة باتفاقيتي لاهاي عام 1899م وعام 1907م، والمتعلقتين بقوانين وعادات الحرب البرية.ثم اتفاقية جنيف لعام 1929م بشأن معاملة أسرى الحرب، والتي حلت محلها اتفاقية جنيف المؤرخة في 12 أغسطس 1949م بشأن معاملة أسرى الحرب.

حيث جاء في مادتها الأولى والثانية : “تعهد الأطراف المتعاقدة باحترام هذه الاتفاقيات وتطبيقها في جميع الأحوال، وعلاوة على الأحكام التي تسري في وقت السلم، تنطبق هذه الاتفاقية في حالة الحرب المعلنة أو أي اشتباك مسلح أخر ينشب بين طرفين أو أكثر من الأطراف المتعاقدة حتى ولو كانت إحداهما لم تعترف بحالة الحرب، كما تنطبق هذه الاتفاقية في جميع حالات الاحتلال الجزئي أو الكلي لإقليم أحد الأطراف المتعاقدة حتى ولو لم يواجه هذا الاحتلال مواجهة مسلحة ([13]).  كما نص البروتوكول الأول لسنة 1977م  الملحق باتفاقية جنيف لعام 1949م، بأن المنازعات المسلحة التي تناضل بها الشعوب ضد التسلط والاحتلال الأجنبي وضد التفرقة العنصرية وممارسات الشعوب لتقرير مصيرها تعد ممارسات دولية مشروعة، ويعتبر أحد أفراد هذه الشعوب لو وقع تحت قبضة الطرف الأخر أسير الحرب ([14]).

هذا على مستوى تعريف أسرى الحرب، ماذا عن المفاهيم المشابهة له؟

ب: تمييز أسرى الحرب عن المفاهيم المشابهة

-1- تمييز أسرى الحرب عن المعتقلين

إن مرد التشابه بين المعتقل وأسير الحرب هو أن كليهما مقيد الحرية، لكن في واقع الأمر نظام الاعتقال يختلف في عدة جوانب عن نظام الأسر، فالاعتقال يسري على المدنيين وقد يكون قسرا أو رغما عن إرادة الشخص، وقد يكون بناء على طلب منه لظروف تجعل الاعتقال أمرا ضروريا([15]). من ناحية أخرى إن أحكام الاعتقال وان كانت تشابه إلى حد كبير الأحكام التي يخضع لها أسرى الحرب كالشروط الواجب توافرها في مكان الاعتقال، وتلك الخاصة بالغذاء والملبس والنواحي الصحية والرعاية الطبية وما إلى ذلك مما تقتضيه ضرورات احترام كرامة الإنسان تحت كافة الظروف والأحوال، فان نظام اعتقال المدنيين يتميز بكونه أقل صرامة من الأحكام التي يخضع لها أسرى الحرب، باعتبار أن الأشخاص المعتقلين يتمتعون بحماية نصوص لا توجد في نظام أسرى الحرب، منها مثلا النصوص المتعلقة بإدارة الممتلكات الشخصية للمعتقلين، وتلك الخاصة بالتسهيلات المتعلقة بالحياة الأسرية للمعتقلين الذين يحق لهم على أساس طلب اعتقال أطفالهم معهم إذا لم يكن هناك عائل آخر لهم، كما أن هناك فارق هام بين نظام الاعتقال ونظام أسرى الحرب يتعلق بشروط عمل كل منهم، حيث أنه في الوقت الذي يجبر فيه أسرى الحرب على العمل باستثناء الضباط منهم، فان المعتقلين المدنيين لا يمكن إجبارهم على العمل ([16]).

من خلال ما سبق يمكن القول بأن أحكام الاعتقال قد استفادت كثيرا من أحكام أسرى الحرب، حيث أن هذه الأخيرة كانت أسبق من الناحية التاريخية، فقد أتت بها اتفاقية جنيف لعلم 1929 وما سبقها من اتفاقيات، بينما وضعت أحكام المعتقلين المدنيين لأول مرة ضمن اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 ([17]).

-2- تمييز أسرى الحرب عن السجناء

لتمييز أسرى الحرب عن السجناء يستوجب بداية التعريف بالسجن لغة، فالسجن بفتح السين مصدر سَجَنَ ومعناه حَبَسَ، وبكسر السين مكان الحبس وهو مرادف لكلمة حَبْس، وقد وردت عبارة السجن في أكثر من موقع في كتاب الله عز وجل، حيث يظهر ترادف كلمتي السجن والحبس، منها قوله تعالى في الآية الثالثة والثلاثين من سورة يوسف: {{ رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه}}. ([18])

أما في القانون فالسجن والحبس مصطلحان يدلان على عقوبة تصدرها المحاكم بسبب جنحة أو جناية يقترفها الشخص، وهناك من التشريعات من تفرق بين المصطلحين([19]). فالمشرع المغربي مثلا يطلق مصطلح السجن لمدة تتجاوز 5 سنوات ليقابل بها الجناية، وبلفظ الحبس لعقوبة الجنحة أو المخالفة لمدة تتراوح بين شهرين كحد أدنى وخمس سنوات كحد أقصى في الجنح ما لم يقرر القانون حدودا أخرى، ولمدة تتراوح من يوم واحد على الأقل إلى شهرين على الأكثر في المخالفات ([20]).

أما في القانون الكويتي يطلق لفظ الحبس للعقوبة القصيرة والطويلة من أدنى عقوبة ينص عليها قانون الجزاء الكويتي إلى المؤبد، ويستعمل كلمة السجن _بكسر السين_ لتعيين موقع تنفيذ العقوبة ([21]).

انطلاقا مما سبق نستخلص أن المصطلحين _السجن أو الحبس_ يدلان على عقوبة سالبة للحرية لأشخاص ارتكبوا أفعالا مجرمة بمقتضى القانون الداخلي، في حين أسرى الحرب يعود سبب احتجازهم ليس ارتكابهم للأفعال المحظورة وإنما منع العدو من مواصلة القتال ليس إلا.

من خلال ما سبق يبدو أن صفة أسير حرب لا يمكن الحديث عنها إلا في زمن محدد، ألا وهو حالة النزاع المسلح، ليبقى السؤال المطروح، من هم الأشخاص الذين تنطبق عليهم هذه الصفة؟

ثانيا: الأشخاص الذين تنطبق عليهم صفة أسير الحرب

بعد المراحل التي مر بها الوضع القانوني لأسرى الحرب، والحقوق التي اكتسبها والضمانات التي اعترف له بها، أصبح الوصف القانوني لأسير الحرب ذو أهمية بالغة بالنسبة للشخص الذي يتمتع به، لأن هذا الوصف يكفل للشخص التمتع بالعديد من المزايا، أهمها عدم جواز محاكمته أو معاقبته لمجرد قيامه بأعمال عدائية في زمن النزاع المسلح، في حين لو لم يكن هذا الشخص متمتعا بهذا الوصف، كان سيؤول الاختصاص للقانون الداخلي في معاقبته، كما تلتزم الدولة الحاجزة بمعاملة الأسير معاملة إنسانية تحفظ له كرامته وشرفه وسلامته الذاتية عبر جميع مراحل الأسر ([22]).

وترتبط صفة أسير الحرب كقاعدة عامة بوضع المقاتل، حيث يجب أن تتوفر في هذا الأخير شروط محددة لخوض غمار المعارك، وبالتالي الحصول على الوضع القانوني لأسير الحرب إذا ما وقع في قبضة العدو([23]).

ومن الجدير بالذكر هنا أن هذه المسألة قد كانت مسار خلاف منذ المحاولات الأولى لتقنين مبادئ الحرب البرية، حيث كانت هناك نظريتان تتجاذبان وضع المقاتل في أوروبا في النصف الثاني من القرن 19م، موقف تتبناه الدول الكبرى يتلخص في حصر المقاتلين في أفراد القوات المسلحة النظامية، وموقف تتبناه الدول الصغرى التي حرصت على توسيع الوضع القانوني للمقاتلين ليشمل أعضاء حركات للمقاومة الذين لا يكونون بالضرورة تابعين للجيش النظامي، ورغم التوصل إلى حل وسط بهذا الخصوص، يلاحظ أنه كان هناك تقييد وتضييق للأشخاص الذين يتمتعون بالوضع القانوني للمقاتل، ومن تم حمل صفة الأسير، حيث حرمت العديد من الفئات من التمتع بهذا الوضع إن على مستوى اتفاقية لاهاي لسنة 1907م أو على مستوى جنيف لعام 1929م ([24]).

وقد بقي هذا الوضع على حاله إلى أن تمت صياغة اتفاقية جنيف لعام 1949م، إذ وسعت من نطاق الأشخاص المشمولين بصفة أسرى حرب، حيث نصت في إطار المادة الرابعة منها على أن الأشخاص الذين يتمتعون بصفة أسرى حرب هم:

1)أفراد القوات المسلحة لأحد أطراف النزاع،والمليشيات أو الوحدات المتطوعة التي تشكل جزءا من هذه القوات المسلحة،

2)أفراد المليشيات الأخرى والوحدات المتطوعة الأخرى، بمن فيهم أعضاء حركات المقاومة المنظمة، الذينينتمون إلى أحد أطراف النزاع ويعملون داخل أو خارج إقليمهم، حتى لو كان هذا الإقليم محتلا،على أن تتوفر الشروط التالية في هذه المليشيات أو الوحدات المتطوعة، بما فيها حركات المقاومة المنظمة المذكورة:

– أن يقودها شخص مسؤول عن مرؤوسيه.

– أن تكون لها شارة مميزة محددة يمكن تمييزها من بعد.

– أن تحمل الأسلحة جهرا.

– أن تلتزم في عملياتها بقوانين الحرب وعاداتها.

3) أفراد القوات المسلحة النظامية الذين يعلنون ولاءهم لحكومة أو سلطة لا تعترف بها الدولة الحاجزة.

4) الأشخاص الذين يرافقون القوات المسلحة دون أن يكونوا في الواقع جزءا منها، كالأشخاص المدنيين الموجودين ضمن أطقم الطائرات الحربية، والمراسلين الحربيين، ومتعهدي التموين،وأفراد وحدات العمال أو الخدمات المختصة بالترفيه عن العسكريين، شريطة أن يكون لديهم تصريح من القوات المسلحة التي يرافقونها.

5) أفراد الأطقم الملاحية، بمن فيهم القادة والملاحون ومساعدوهم في السفن التجارية وأطقم الطائرات المدنية التابعة لأطراف النزاع، الذين لا ينتفعون بمعاملة أفضل بمقتضى أي أحكام أخرى من القانون الدولي.

6) سكان الأراضي المحتلة الذين يحملون السلاح من تلقاء أنفسهم عند اقتراب العدو لمقاومة القوات الغازية دون أن يتوفر لهم الوقت لتشكيل وحدات مسلحة نظامية، شريطة أن يحملوا السلاح جهرا وأن يراعوا قوانين الحرب وعاداتها([25]).

ولم يتوقف مسار توسيع دائرة من لهم حق بالتمتع بصفة أسير الحرب هنا،بل واصل البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977م، المتعلق بالنزاعات المسلحة الدولية، توسيع مفهوم أسير الحرب ليشمل كل أفراد القوات المسلحة والمجموعات المسلحة التي تكون تحت قيادة مسؤولة،كما يستفيد من هذه الأحكام أفراد حرب العصابات الذين ليس لهم زى خاص حتى  وإن كانوا يتبعون كيانات لا يعترف بها الخصم([26])، شرط التزام أفراد هذه القوات المسلحة بتمييز أنفسهم أثناء القتال عن السكان المدنيين إذ يمكن أن يؤدي عدم الالتزام بهذه القاعدة إلى الحرمان من الوضع القانوني لأسير الحرب([27]).

بعد تجاذب المواقف بخصوص توسيع خانة الأشخاص الذين تنطبق عليهم صفة المقاتل ، بين كل من الدول الكبرى من جهة،  والدول الصغرى من جهة أخرى، نلاحظ أن الصيغة النهائية التي جاءت بها اتفاقية جنيف الثالثة لسنة 1949، والبروتوكول الإضافي الأول لسنة 1977، كان لهما الأثر القوي في تحديد الأشخاص الذين تنطبق عليهم صفة أسير الحرب، وعليه فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: ماذا عن حقوق هؤلاء الأسرى وواجباتهم؟

ثالثا: حقوق أسرى الحرب

بما أن الهدف  من الأسر هو منع المحارب من الاستمرار في القتال، بغية إضعاف القوة العددية للخصم، وليس توقيع الجزاء عليه والثأر منه، لهذاالسبب وجب أن تتفق الممارسة الدولية وفق المبادئ الإنسانية، وأن تكفل لهم الحماية والاحترام، ففي هذه النقطة وبعد أن بينا مفهوم أسرى الحرب والأشخاص الذين يتمتعون بوصف أسرى الحرب، سنقوم بتوضيح الحماية القانونية المقررة لأسير الحرب عبر أربع محطات رئيسية بموجب قواعد القانونالدولي الإنساني، وذلك على النحو التالي:

أ:الحماية المقررة لأسرى الحرب لحظة بداية الأسر

حددت اتفاقية جنيف بداية الأسر بأنه الوقت الذي يقع فيه الأسير تحت سلطة دولة العدو([28])،أي منذ اللحظة التي يمسك فيها بالأسير من قبل فرد أو وحدة عسكرية تابعة لجيش الدولة الحاجزة.

وتعتبر الدولة المتعاقدة مسؤولة عن الأسرى، وبالتالي عن تصرفات مواطنيها المدنيين الذين يتمكنون من القبض على الأسير في بعض الحالات مثل حالة الهبوط المظلي([29]).

إذ يحرم على أي طرف من الأطراف المتحاربة قتل المقاتلين النظاميين للخصم بمجرد أن يكفوا عن القتال، رغما عنهم بسبب ما أصابهم من المرض أو الجرح أو الغرق، أو أي نوع من أنواع العجز البدني والعقلي، كما يحرم قتلهم إذا ما ألقوا سلاحهم باختيارهم للعدو، وفي هذه الحالة يمكن أخد العاجزين عن القتال أو المستسلمين كأسرى حرب([30])، كما يتوجب على الدولة الآسِرة نقل الأسرى من ساحات العمليات العسكرية بأسرع ما يمكن إلى معسكرات بعيدة بعدا كافيا عن منطقة القتال حتى يكونوا في مأمن من الخطر، فلا يجوز أن يستبقى في منطقة خطرة، وبصورة مؤقتة، إلا أسرى الحرب الذين يتعرضون بسبب جرحهم أو مرضهم لخطر أكبر عند نقلهم مما لو بقوا في مكانهم، وذلك حسب ما جاء بالمادة (19) من اتفاقية جنيف الثالثة([31]) .

ب:الحماية المقررة لأسرى الحرب أثناء الاستجواب

من الطبيعي أن تحاول السلطات الآسرة الحصول على معلومات من الأسرى، ولهذا السبب فقد حدد القانون الدولي الإنساني الإطار العام لهذا الاستجواب بمايلي:

1: واجب أسير الحرب بمرحلة الاستجواب

بينت اتفاقية جنيف الثالثة ماهو المشروع وغير المشروع بخصوص استجواب أسرى الحرب، فعند استجواب أسير الحرب لا يطلب منه إلا الإدلاء باسمه الكامل، ورتبته العسكرية وتاريخ ميلاده، ورقمه بالجيش أو الفرقة أو رقمه الشخصي، فإذا لم يستطع الإدلاء بهذه المعلومات فيدلي بمعلومات مماثلة.

وفي حال أخل الأسير بهذه القاعدة باختياره، فإنه يتعرض لانتقاص المزايا التي تنمح للأسرى الذين لهم رتبته أو وضعه.

2: حظر ممارسة التعذيب([32])

لايجوز للدولة الآسرة ممارسة أي تعذيب بدني أو معنوي أو أي إكراه على أسرى الحرب أثناء استجوابهم لاستخلاص المعلومات منهم، ولا يجوز تهديدهم إذا ما امتنعوا عن الإجابة، أو تعريضهم لأي معاملة سيئة.

كما يجب أن يتم الاستجواب بلغة يفهمونها، ويتعين تسليم أسرى الحرب العاجزين عن الإدلاء بمعلومات عن هويتهم بسبب حالتهم البدنية أو العقلية إلى قسم الخدمات الطبية([33]).

3: الحقوق المقررة أثناء فترة الأسر

ومن أهم هذه الحقوق:

  • الحق في المعاملة الإنسانية

تنص المادة(13) من اتفاقية جنيف الثالثة على أنه يجب معاملة أسرى الحرب في جميع الأوقات معاملة إنسانية، وحضرت الاتفاقية أن يكون الأسرى موضعا لتجارب علمية أو طبية من أي نوع، كما لايجوز تعريضحياة الأسرى أو صحتهم للخطر أو بتر عضو من أعضاء الأسير.

وقد نصت المادة (11) من البروتوكول الإضافي الأول الملحق باتفاقيات جنيف، على الحظر المذكور أعلاه، وتم استثناء حالة التبرع بالدم لنقله أو التبرع بالأنسجة الجلدية لاستزراعها شريطة أن يتم ذلك طواعية وبدون قهر.

  • الحق باحترام الشخصية والشرف

يحتفظ الأسرى بكامل أهليتهم المدنية التي كانت لهم قبل وقوعهم في الأسر، ولا يجوز للدولة الحاجزة تغيير ممارسة الحقوق التي تكفلها تلك الأهلية سواء في داخل أراضيها أو خارجها، إلا بمقدار ما تتطلبه دواعي الأمن.

ويجب معاملة النساء من الأسرى بكل الاعتبار الواجب لجنسهن فيعزلن عن الرجال، وتراعى ظروفهم الصحية مع التأكيد على المحافظة على شرفهن([34]).

  • الحق بالرعاية الصحية والطبية

تلتزم الدولة الحاجزة بتوفير الرعاية الصحية والغذائية لأسرى الحرب على الوجه التالي([35]):

توفير الطعام والملبس بالقدر الكافي مجانا، وكذا تقديم العناية الطبية التي تتطلبها الحالة دون مقابل، واتخاذ كافة التدابير الصحية الضرورية لتأمين نظافة المعسكرات، بالإضافة إلى إجراء فحوصات طبية للأسرى مرة كل شهر، وذلك من أجل مراقبة الحالة العامة لصحة الأسرى ونظافتهم، وكشف الأمراض المعدية.

وبخصوص الأسرى الذين يمارسون مهام طبية فيجوز للدولة الحاجزة، أن تكلف الأسرى من الأطباء والجراحين، وأطباء الأسنان بمباشرة مهامهم الطبية لمصلحة أسرى الحرب التابعين لنفس الدولة، حتى إذا لم يكونوا ملحقين بالخدمات الطبية المناظرين الذين تستبقيهم الدولة الحاجزة، ويعفون من أداء أي عمل أخر كالمنصوص عنه في المادة(49) المتعلقة بتشغيل الأسرى.

ج: انتهاء الأسر

بما أن الهدف الرئيسي من الأسر كما سبق الحديث هو إضعاف القوة العددية للخصم، وليس الانتقام، كان لابد أن لايدوم هذا الوضع بمجرد أن تضع الحرب أوزارها، وقد تضمنت اتفاقية جنيف الثالثة موضوع انتهاء الأسر وبينت الحالات التي ينتهي بها ، على الشكل التالي:

1: الإفراج تحت شرط (الإفراج مقابل تعهد)

يجوز الإفراج عن الأسرى بصورة جزئية أو كلية مقابل وعد أو تعهد منهم بقدر ما تسمح بذلك قوانين الدولة التي يتبعونها، ويتخذ هذا الإجراء بصفة خاصة في الأحوال التي يمكن أن يسهم فيها ذلك في تحسين صحة الأسرى، ولا يرغم أي أسير على قبول إطلاق سراحه مقابل وعد أو تعهد.

ويلتزم أسرى الحرب الذين أطلق سراحهم مقابل وعد أو تعهد وفق قوانين ولوائح مبلغة على هذا النحو، بتنفيذ الوعد أو التعهد الذي أعطوه بكل دقة سواء إزاء الدولة التي يتبعونها أو الدولة التي أسرتهم، وفي مثل هذه الحالات تلتزم الدولة التي يتبعها الأسرى بألا تطلب إليهم أو تقبل منهم تأدية أي خدمة لا تتفق مع الوعد أو التعهد الذي أعطوه([36]).

2: الإفراج عن الأسرى لاعتبارات صحية

تفرض اتفاقية جنيف على أطراف النزاع أن يعيدوا أسرى الحرب الذين أصيبوا بجراح خطيرة أو أمراض شديدة إلى أوطانهم، بعد أن ينالوا العناية الصحية التي تمكنهم من السفر، وقد أوردت المادة (110) تفصيلات الحالات المرضية التي تستوجب إعادة الأسرى إلى وطنهم مباشرة، والحالات المرضية التي تجيز إيواء الأسرى في بلد محايد([37]).

3: الإفراج النهائي عند انتهاء الأعمال العدائية

يفرج عن الأسرى عند انتهاء الأعمال العدائية الفعلية ويعادون إلى أوطانهم دون تأخير، وفي حال لم يجدوا أي اتفاقية بين أطراف النزاع بشأن وقف الأعمال العسكرية، أو في حالة فشل مثل هذه الاتفاقية، يتعين على كل دولة آسرة أن تنفذ من جانبها وبدون تأخير إعادة أسرى الحرب.

وبناءا عليه فلأسرى الحرب حق ثابت في أن يعودوا إلى أوطانهم بعد أن تتوقف العمليات العسكرية، ويقع واجب تفعيل ذلك على الدولة الآسرة.

4:انتهاء الأسر عن طريق تبادل الأسرى بين طرفي النزاع

لم تنص اتفاقية جنيف الثالثة لعام1949 على نظام تبادل الأسرى، إنما جرى العرف على اعتبار تبادل الأسرى وسيلة من وسائل إنهاء الأسر، ويحصل تبادل الأسرى عادة بموجب اتفاق خاص بين المحاربين، ويتفق فيه على شروط هذا التبادل، ويراعى عادة التكافؤ في عمليات التبادل، كاستبدال الجريح بالجريح، والجندي بالجندي، والضابط بالضابط،…..وليس هناك ما يمنع من الاتفاق على تبادل عدد من الأسرى من رتبة عليا بعدد أكبر من رتبة أقل، ولا يجوز للأسرى المفرج عنهم عن طريق التبادل أن يعودوا إلى القتال حتى نهاية الحرب التي أسروا إبانها، ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك.

وتجدر بنا الإشارة هنا إلى أن اتفاقيات تبادل الأسرى المبرمة بين الأطراف المتحاربة، شأنها شأن أي اتفاق دولي أخر، تخضع للأحكام العامة في القانون الدولي بشأن المعاهدات.

كانت هذه أبرز الحقوق التي كرسها القانون الدولي الإنساني لفئة أسرى الحرب عند وقوعهم في قبضة العدو، فهل يتمتع الأسرى الفلسطينيون بهذه الحقوق؟

رابعا: وضع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية

يواجه الأسرى الفلسطينيون لدى سلطات الإحتلال الإسرائيلية ظروف معيشية صعبة، حيث يتعرضون لأبشع صور التعذيب والعزل والاحتجاز في أماكن نائية لا تتوفر فيها الشروط المحددة في القانون الدولي الإنساني كما سبق توضيح بعض منها.

حيث يوجد بالسجون الإسرائيلية أللآلاف من الأسرى الفلسطينيين، من شباب وكهول بل وحتى الأطفال والنساء، يمارس بحقهم من قبل إدارة السجون الإسرائيلية شتى أشكال التعذيب([38]).

فتعذيب الأسرى الفلسطينيين جريمة انتهجتها سلطات الاحتلال الإسرائيلية في سجونها رغم توقيعها وتصديقها([39]) على العديد من المواثيق الدولية التي تحرم التعذيب ([40])، وقد جاء تحريم هذا الأخير في أكثر من موضع ([41])، حيث يقصد به أي عمل ينتج عنه ألم أو عقاب شديد،جسديا كان أم عقليا يلحق عمدا بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص أو من شخص ثالث على المعلومات أو على اعتراف أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه هو أو أي شخص ثالث أو تخويفه أو إرغامه هو أو أي شخص ثالث أو عندما يلحق مثل هذا العذاب أو الألم لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أيا كان نوعه أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص أخر يتصرف بصفته الرسمية([42])، هذا ويعتبر التعذيب كما جاء في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في المواد (8،7) من صور جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية ولا تسقط بالتقادم ولا يسري عليها مرور الزمن، ويعد التعذيب جريمة دولية سواء تم في وقت السلم أو الحرب كما هو الحال في فلسطين المحتلة، وسواء كان ماديا أو معنويا يمس كرامة الشخص أو إنسانيته أو نفسيته([43]).

هذا وقد مارست سلطات الاحتلال الإسرائيلية التعذيب ضد الأسرى الفلسطينيين بشكل ممنهج ومنظم، وأطلقت يد الأجهزة الأمنية في ممارسة شتى أشكال التنكيل والتعذيب بحق الأسرى، منتهكة بذلك كافة الاتفاقيات الدولية التي تحرم التعذيب([44]).

حيث يمارس التعذيب  على الأسرى الفلسطينيين منذ اللحظات الأولى للأسر، وبأشكال متنوعة تتشابه في وحشيتها، من الضرب المبرح والربط بأوضاع مؤلمة والهز العنيف للجسم والكي بأعقاب السجائر والتقييد بسلاسل الحديد و بالصدمات الكهربائية وتعريض الأسير للماء البارد والساخن بصورة مفاجئة والحرمان من النوم والطعام والشراب واستخدام الأصوات العالية المزعجة وغيرها([45]).

وتؤكد الإفادات التي أدلى بها الأسرى الفلسطينيون بتعرضهم في مراكز التوقيف والتحقيق إلى أشد أنواع التعذيب لانتزاع الاعتراف منهم بالقوة، حيث تمارس أجهزة الأمن الإسرائيلية كافة ألوان التعذيب الجسدي والنفسي، والأدهى من ذلك أنها تقوم بذلك باشتراك مباشر من قبل الأطباء الإسرائليين إذ يقومون بإعداد تقرير عن مدى قدرة المعتقل على تحمل أساليب ووسائل تحقيق معينة([46]).

ويقول البروفسور:” يهوكيم شتاين” “عن التعذيب في السجون الإسرائيلية بأنه مدروس، الهدف منه الحد من القدرة على مقاومة الاستجواب وإجبار المعتقل على الخضوع للمحقق”([47]) .

وقد ترتب عن التعذيب في السجون الإسرائيلية وفاة العشرات من الأسرى الفلسطينيين([48])، حيث تشير التقارير إلى أن %  80 من مجمل الأسرى تعرضوا للتعذيب القاسي والإساءة من قبل محققين في الجيش الإسرائيلي مما ترتب عن ذلك وفاة العديد منهم([49]).

وذلك بالرغم من توقيع إسرائيل على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان واتفاقية مناهضة التعذيب والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية جنيف التي حرمت التعذيب وأكدت على عدم جواز التذرع بأية ظروف استثنائية أيا كانت سواء الحرب أو التهديد بها أو عدم استقرار سياسي داخلي أو أي حالة من حالات الطوارئ العامة كمبرر للتعذيب([50]).

إلا أننا نلاحظ تمادي سلطات الاحتلال الإسرائيلية في انتهاكاتها للقوانين الدولية حيث وصل بها إلى حد سن تشريعات قانونية تبرر بواسطتها تلك الانتهاكات، وكمثال على ذلك، في سنة 1996 أصدرت محكمة العدل العليا الإسرائيلية عدة قرارات سمحت بموجبها لمحققي أجهزة الأمن الإسرائيلية باستخدام الضغط الجسدي، وأسلوب الهز بعنف ضد الأسرى أثناء أسرهم لإجبارهم على الإدلاء باعترافات، وبررت قراراتها بهذا الشأن أنه  يكون في حالات الضرورة القصوى([51]).

وقد أشارت في هذا الخصوص لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب إلى أن الأساليب التي أقرتها المحكمة تشكل خرقا لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التي صادقت عليها إسرائيل سنة 1991، لما في ذلك من مخالفة للقانون الدولي الذي يحرم التعذيب بشكل قاطع ولا يجيزه لأي سبب،  كما أوصت اللجنة بالكف فورا عن أساليب الاستجواب التي تتعارض مع أحكام المادتين 1و16 من الاتفاقية المذكورة([52]).

هذا على مستوى التعذيب الجسدي والنفسي إبان الاستجواب، أما بخصوص أماكن الأسر التي من المفترض أن تتوفر فيها كل مناحي الإنسانية كما سبق وتطرقنا له في الفقرة السابقة، فإن الأسرى الفلسطينيين يقبعون في أماكن لا تتوفر فيها أدنى المتطلبات الإنسانية، حيث الاكتظاظ التام، وسوء الطعام وقلة النظافة وسوء مجاري الصرف الصحي وانتشار الرطوبة والبرد الشديد، وقلة الأغطية إضافة إلى قلة التهوية وعدم دخول الشمس والهواء النقي إلى الغرف([53])، مما نتج عنه الإصابة بمشاكل صحية خطيرة.

هذا بالإضافة إلى كون السجون والمعتقلات الإسرائيلية تفتقر إلى عيادات صحية مناسبة، وأحيانا لا توجد([54])، كما لا يتم إجراء العمليات الجراحية للأسرى المرضى في الوقت المناسب، مما يشكل تهديدا كبيرا على وضعهم الصحي وحياتهم، أضف إلى ذلك عدم تقديم العلاج المناسب للمرضى حسب طبيعة المرض وما تتطلبه الحالة المرضية([55])، كما يتم حرمان ذوي الأمراض المزمنة من أدويتهم كنوع من أنواع العقاب.

وقد نتج عن هذا الإهمال الممنهج من قبل السلطات الإسرائيلية انتشار عدة أمراض بين الأسرى، وتدهور الحالة الصحية للعديد منهم، فوفق إحصائيات أجريت سنة 2010، هناك أكثر من ألف حالة يعانون من أمراض مزمنة داخل السجون الإسرائيلية، ومن بين هؤلاء هناك 40 سجينا من المرضى الذين يعانون من الأمراض المزمنة المختلفة مثل الشلل و الفشل الكلوي، و18 حالة من حالات السرطان([56]).

ولم يقتصر الأمر على سياسة الإهمال الطبي، بل قد استخدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي الأسرى كحقول تجارب لبعض الأدوية، حيث كشفت عضو الكنيست الإسرائيلي ورئيس لجنة العلوم البرلمانية الإسرائيلية سابقا السيدة داليا ايزيك في تموز/يوليو 1997 على أن  ألف تجربة لأدوية خطيرة تجرى سنويا على الأسرى الفلسطينيين، كما كشفت السيدة أمي لفتات رئيس شعبة الأدوية في وزارة الصحة الإسرائيلية أمام الكنسيت أن هناك زيادة سنوية قدرها 15%  في حجم التصريحات التي تمنح لإجراء تجارب الأدوية الخطيرة على الفلسطينيين والعرب في السجون الإسرائيلية كل عام([57]).

وهذا يعني أن عملية إجراء التجارب الطبية على الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في ازدياد وبغطاء قانوني وبإشراف من قبل وزارة الصحة الإسرائيلية وذلك في مخالفة واضحة لنص المادة الثالثة عشر من اتفاقية جنيف الثالثة لعام 1949.

خامسا: مبررات الممارسة الإسرائيلية تجاه الأسرى الفلسطينيين

من خلال ما سبق يتبين أن سلطات الاحتلال الإسرائيلية تنتهج العكس تماما لما نصت عليه اتفاقيات جنيف لعام 1949، والبروتوكول الإضافي الملحق بها لعام1977،  في تعاملها مع أفراد المقاومة الفلسطينية، بل تعاملهم حسب ادعاءاتها كمخربين وإرهابيين، خصوصا بعد تفجيرات 11 سبتمبر 2001 بأمريكا، وتعمل على محاكمتهم أمام محاكمها على هذا الأساس، وتستند إسرائيل في تبرير موقفها هذا إلى مجموعة من الحجج والاستنباطات التي توافق توجهاتها ليس إلا، كما سيتم توضيح ذلك في الفقرة الموالية.

أ: إدعاءات سلطات الاحتلال الإسرائيلية

تنبني إدعاءات سلطات الاحتلال الإسرائيلية على ما يلي:

_ التفسير الإسرائيلي للوضعية القانونية للأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1967 باعتبارها مجرد(أراض) لا ينطبق عليها وصف الاحتلال، وتفتقد أصلا إلى سلطة الدولة الأصلية ذات السيادة التي يمكن التعامل معها وفق اعتبارات الالتزامات التعاقدية في اتفاقيات جنيف الأربعة بين الأطراف السامية المتعاقدة.

_ رفض الاعتراف بحالة النزاع المسلح الدولي مع الفصائل الفلسطينية، والتذرع دائما بأنها تخوض حربا ضد الإرهاب دفاعا عن النفس.

_ أن اتفاقيات جنيف الثالثة تلزم إسرائيل تجاه الدول الموقعة عليها وليس أمام التنظيمات.

_أن حركات المقاومة الفلسطينية لا تلتزم في عملياتها بأعراف وقوانين الحرب.

_رفض إسرائيل الاحتكام لأي من فروع القانون الدولي في مسألة الأسرى، واعتبار القانون الإسرائيلي وحده الكفيل بالحسم في هذه المسألة، على اعتبار أن ذلك القانون يشمل كافة القواعد العرفية اللازمة لمراعاة المعايير الإنسانية العامة.

_التشكيك بالوضعية القانونية للمعتقلين الفلسطينيين والادعاء أنهم  مقاتلين غير نظاميين، ولا تنطبق عليهم اتفاقية جنيف الثالثة بشأن معاملة الأسرى، وبالتالي فهم لا ينتمون لأي من الفئات المنصوص عليها في المادة الرابعة منها.

من خلال ما سبق فإن السؤال الذي يفرض نفسه هو: ما مدى انطباق كل هذه التبريرات على المقاومة الفلسطينية؟

ب : المركز القانوني لمنظمة التحرير الفلسطينية

من خلال استعراض وجهة نظر إسرائيل بخصوص تبريراتها الواهية، التي اعتمدتها في موقفها الرامي إلى عدم تمتع أفراد المقاومة الفلسطينية بمركز أسيرالحرب، نؤكد أن معظم الفقه الدولي إلى جانب المؤسسات الدولية من ضمنها منظمة الأمم المتحدة، قد أقروا بشرعية المقاومة الفلسطينية، واعتبروها حركة تحرير وطني تهدف من نشاطها المسلح تحرير الإقليم المحتل والسعي إلى تقرير المصير، وأنها حركة ذات طابع دولي، وبالتالي فهي تستفيد من تطبيق أحكام اتفاقيات جنيف لعام 1949 والبروتوكول الإضافي الأول لعام 1977، باعتبارها طرفا دوليا له سيادة قانونية على الإقليم المحتل ومن حقها مقاومة الاحتلال.

واستنادا إلى السوابق العالمية والاتفاقيات الدولية وقرارات منظمة الأمم المتحدة فإن كل فرد ينتمي إلى أي من الفصائل الفلسطينية المسلحة يعتبر مقاتلا قانونيا، وبالتالي له الحق في التمتع بصفة أسير حرب إذا ما وقع في قبضة قوات الاحتلال الإسرائيلي([58])، وذلك استنادا إلى المبررات التالية:

_ استناد المقاومة الفلسطينية في مقاومتها الاحتلال إلى المبدأ حق تقرير المصير، وأن الأمم المتحدة اعترفت لها بهذا الحق([59])،

_ التزام أفراد المقاومة الفلسطينية بتمييز أنفسهم عن السكان المدنيين أثناء اشتباكهم المسلح مع قوات الاحتلال بحمل السلاح بشكل ظاهر كما أن معظم الفصائل الفلسطينيين تحرص على أن يرتدي عناصرها المسلحة الزي العسكري([60]).

_ وحسب مقتضيات اتفاقيات جنيف لعام 1949، فإنه ليس بالضرورة أن يكون أطراف النزاع دولا، وعليه فإن المقاومة الفلسطينية تعتبر طرفا أصيلا في النزاع المسلح، كما أن اتفاقيات جنيف تلزم الدول الموقعة عليها بمراعاتها تجاه الدول الأخرى غير الموقعة عليها، إذا قبلت هذه الأخيرة أحكام الاتفاقية، وبما أن حركة التحرير الفلسطينية ممثلة  بمنظمة التحرير الفلسطينية قد أعلنت التزاماتها باتفاقيات جنيف، أصبح من واجب إسرائيل أن تعامل أفراد حركة التحرير في حالة القبض عليهم كأسرى حرب، بالإضافة إلى أن عدم اعتراف طرف بطرف آخر لا يعتبر مانعا من انطباق اتفافية جنيف([61]).

نعتقد أن كل هذه الردود تقر بشرعية المقاومة الفلسطينية، وبالتالي أهلية كل فصائلها التمتع بصفة أسرى حرب، وبالتالي لهم كافة الحقوق المكرسة باتفاقية جنيف الثالثة لعام 1949 والبروتوكول الإضافي الأول لعام1977، مفندة بذلك كل الادعاءات الواهية التي تعتمدها سلطات الاحتلال الإسرائيلية لتبرير سوء معاملتها للأسرى الفلسطينيين، ومن الجدير بالذكر هنا أن إسرائيل لم تكتف  بانتهاك الاتفاقيات الدولية فحسب بل تعدته لسن تشريعات داخلية، تتماشى وموقفها الرامي إلى عدم تمتع أفراد المقاومة  الفلسطينية بصفة أسير حرب.

ج: التطورات في القوانين الإسرائيلية

لم تكتف سلطات الإحتلال الإسرائيلية بانتهاك قواعد القانون الدولي الإنساني، بل عملت على تقنين تلك الانتهاكات، ونشير هنا إلى ما وقع سنة 2005 في أعقاب انسحاب إسرائيل من قطاع غزة، فعوض إنهاء أسر الفلسطينيين وإطلاق سراحهم بموجب المواد القانونية السالفة الذكر من اتفاقية جنيف الثالثة لعام1949، أقدمت إسرائيل على إصدار منشور بتاريخ 12 سبتمبر من نفس السنة، تعلن من خلاله أن الحكم العسكري لقطاع غزة قد انتهى، إلا أن ملف الأسرى الفلسطينيين من سكان القطاع لم ينتهي، وبذلك أبقتهم في سجونها وأصدرت قوانين جديدة وعدلت أخرى، مما يضمن لها صلاحية الاحتفاظ بهم، نذكر من بينها على سبيل المثال:

  • إلغاء المحكمة العسكرية في إيرز([62])
  • تعديل قانون الجزاء الإسرائيلي رقم 5737 لعام 1977 ([63]).
  • إصدار قانون المقاتل غير الشرعي سنة 2002 هذا الأخير الذي يعرف “المقاتل غير الشرعي” بأنه كل شخص يشارك في أعمال عدائية ضد ” دولة إسرائيل” بشكل مباشر أو غير مباشر ، أو ينتمي إلى تنظيم لتنفيذ أعمال معادية لدولة إسرائيل… ([64])، فبموجب هذا القانون المستحدث بعد انسحاب إسرائيل من قطاع غزة ، أصبح لرئيس أركان الجيش الإسرائيلي الحق في التقدم لدى المحكمة المركزية الإسرائيلية بطلب اعتبار أي مواطن من قطاع غزة مقاتلاً غير شرعي، ما يعني قدرة إسرائيل على اعتقاله أي شخص لمجرد الاشتباه به، ويسري القانون على الفلسطينيين من سكان غزة بأثر رجعي.

وكما هو ملاحظ فقد جاء هذا القانون لحرمان المقاتلين الفلسطينيين من مركز أسير الحرب في مخالفة صريحة لقواعد القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي العرفي، والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

وعليه، يعتبر قانون المقاتل غير الشرعي خرقا خطيراً لاتفاقية جنيف لعام1949، كغيره من القوانين الداخلية الأخرى التي أعدتها إسرائيل لتبرير موقفها بعدم تمتع أفراد المقاومة الفلسطينية بمركز أسير الحرب، كما أن نصوص هذا القانون تخالف المبادئ الأساسية للقانون الدولي التي تحظر سريان أي قانون بأثر رجعي، كما نصت على ذلك المادة رقم 11 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة 15 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية([65]).

وأياً كان المحتجز؛ أسير حرب أو مقاتلاً غير نظامي، فإن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 43/173 الصادر في 9 كانون الأول 1988، ينص على معاملة جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز “معاملة إنسانية وباحترام لكرامة الشخص الإنساني الأصلية”.

من خلال ما سبق  نستخلص أن الحقوق المذكورة في اتفاقية جنيف الثالثة المتعلقة بالأسرى لعام 1949، والبروتوكول الإضافي الأول لعام1977، تمثل حقوقا يعد انتهاكها جريمة حرب، يعاقب عليها بموجب قواعد القانون الدولي الإنساني، ونظام روما الأساسي المنشأ للمحكمة الجنائية الدولية.

 

 

 

خاتمة

بناءا على كل ما تقدم نخلص إلى النتائج التالية:

  • إنطباق اتفاقية جنيف الثالثة لعام 1949 على كافة فصائل المقاومة الفلسطينية، وعليه يعتبرون أسرى حرب ويجب معاملتهم على هذا الأساس.
  • انتهاك سلطات الاحتلال الإسرائيلي لكافة حقوق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجونها.
  • أن سلطات الإحتلال الإسرائيلية تقوم بمحاكمة الأسرى الفلسطينيين بصورة غير قانونية، من خلال سن تشريعات داخلية منافية لما أقره القانون الدولي الإنساني.
  • أن انتهاكات سلطات الاحتلال الإسرائيلية لحقوق الأسرى الفلسطينيين تعتبر جريمة حرب.

وبناءا على ذلك نرى ضرورة التحرك الفوري وعلى أعلى المستويات الدولية والإقليمية، للنظر في خطورة الممارسات الإسرائيلية بحق الأسرى الفلسطينيين، والعمل على إلزامها لاحترام وتنفيذ أحكام القانون الدولي ذات العلاقة، من خلال:

  • تحرك كافة مكونات المجتمع الدولي للضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي من أجل إيقاف ممارساتها اللاإنسانية ضد الأسرى الفلسطينيين.
  • حث مجلس الأمن على إنشاء لجنة مراقبة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، يكمن دورها في التثبت من التزام إسرائيل بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني فيما يخص معاملة الأسرى.

 

 

 

الهوامش

[1]_  الفيروز أبادي، القاموس المحيط. الطبعة الأولى، دار الكتب العلمية، بيروت لبنان،1999،ص06.

 

[2]_ابن منظور، لسان العرب، الطبعة الأولى، دار صادر، بيروت، لبنان، 1999، ص06.

 

[3]_عبد اللطيف عامر، أحكام الأسرى والسبايا في الحروب الإسلامية، دار الكتب الإسلامية، دار الكتاب المصري، القاهرة، مصر، ودار الكتاب اللبناني، بيروت، لبنان، 1986،ص77.

 

[4]_سورة الأنفال الآية 67.

 

[5]_ سورة الأنفال الآية 70.

 

[6]_ سورة البقرة الآية 85.

 

[7]_ عبد اللطيف عامر_ المرجع السابق ص.78.

 

[8]_وهبة الزحيلي ، أثار الحرب في الفقه الإسلامي(دراسة مقارنة) .الطبعة الرابعة، دار الفكر، دمشق ,سوريا، 1992ص417.

 

[9]_ عبد اللطيف عامر، المرجع السابق ص 88.

 

[10]_ حسن محمد علي عبارة، بحوث في الحرب الإسلامية، الطبعة الأولى، مؤسسة الرسالة،  القاهرة، مصر، 1997، ص، 264.

 

[11]_ Mohamed Abdel Rahman buzubar ; légal status of combatants and non combatants the internalcriminalcourt statue in : the international criminal court and enlarging the scope of international humanitaire Law damascusuniversityfaculty of Law and ICRC ; damascus ;2003 ;P43

[12]_عمر سعد الله، تطور تدوين القانون الدولي الإنساني ، الطبعة الأولى، دار الغرب الإسلامي، بيروت,لبنان، 1997، ص154.

 

[13]_الشريف محمد عبد الجواد “قانون الحرب” المكتب العصري الحديث،  القاهرة ، الطبعة الأولى2003 ،ص404.

 

[14]_علي سعيد محمد الشمراني ، “سياسة الإسلام في معاملة أسرى الحرب ، دراسة تأصيلية مقارنة” بحث نيل شهادة الماستر جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، كلية الدراسات العليا.السعودية، سنة 2006، ص56.

[15]_راجع المادة 42 من اتفاقية جنيف الرابعة 1949.

 

[16]_مصطفى كامل سحاته، الاحتلال الحربي وقواعد القانون الدولي المعاصرة(مع دراسة عن الاحتلال الإسرائيلي للأقاليم العربية)الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر، 1981، ص212-213.

 

[17]_مصطفى كامل شحاتة، المرجع السابق، ص 213.

 

 

[18]_علي بن أحمد: ضمانات الأسير بين القانون الدولي الإنساني والشريعة الإسلامية.مذكرة لنيل شهادة الماجيستر في القانون الجنائي الدولي.جامعة البليدة، الجزائر بدون سنة  ص20.

 

[19]نفس المرجع السابق: علي بن أحمد، ضمانات الأسير بين القانون الدولي الإنساني والشريعة الإسلامية. ص20.

 

[20]_ راجع الفصول  16، 17، 18، من القانون الجنائي المغربي

 

[21]_ علي بن أحمد: ضمانات الأسير بين القانون الدولي الإنساني والشريعة الإسلامية.المرجع السابق ، ص20

[22]_ ياسمين نقفي: مركز أسير الحرب موضوع جدال، المجلة الدولية للصليب الأحمر، مختارات من أعداد 2002، ص 202.

 

[23]_عامر الزمالي: الفئات المحمية بموجب أحكام القانون الدولي الإنساني :محاضرات في القانون الدولي الإنساني، الطبعة السادسة، بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر_القاهرة 2006، ص84.

 

[24]_véronique harouel-bureloup « traité de droit humanitaire ; presses universitaires de France 1ere Edition ; 2005. P.293.

 

[25]أنظر اتفاقية جنيف الثالثة المتعلقة بالأسرى لعام 1949 المادة 4

[26]محمد فهد الشلاللد: القانون الدولي الإنساني،(دـط)، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2005، ص 105

[27]أنظر المواد 43و44 من البروتوكول الإضافي الأول الملحق باتفاقيات جنيف لعام 1949 والمتعلق بالنزاعات المسلحة الدولية الذي اعتمد من طرف المؤتمر الدبلوماسي لتأكيد القانون الدولي الإنساني المنطبق على النزاعات المسلحة وتطويره بتاريخ 8 يونيو 1977.

[28]اتفاقية جنيف الثالثة، المادة (5)، تنطبق هذه الاتفاقية على الأشخاص المشار إليهم في المادة 4 ابتداء من الوقوع في يد العدو إلى أن يتم الافراج عنهم وإعادتهم إلى الوطن بصورة نهائية”.

[29]سيد هاشم :معاملة أسرى الجرب في ظل أحكام اتفاقية جنيف، اللجنة الدولية للصليب الأحمر،1980، ص 11

[30]محمد فهد الشلالدة: القانون الدولي الانساني، مرجع سابق ص 121.

[31]اتفاقية جنيف الثالثة، المادة(19) يتم إجلاء أسرى الحرب بأسرع ما يمكن بعد أسرهم، وينتقلون إلى معسكرات تقع في منطقة تبعد بقدر كاف عم منطقة القتال حتى يكونوا في مأمن من الخطر.

لا يجوز أن يستبقى في منطقة خطرة، وبصورة مؤقتة، إلا أسرى الحرب الذين يتعرضون بسبب جروحهم أو مرضهم لمخاطر أكبر عن نقلهم مما لو بقوا في مكانهم.

يجب ألا يتعرض أسرى الحرب للخطر دون مبرر أثناء انتظار إجلائهم من منطقة القتال.

[32]تعريف التعذيب حسبما جاء في نص المادة(1) من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لعام 1984:” يقصد بالتعذيب : أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد،جسديا كان أم عقليا، يلحق عمدا بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص، أو من شخص ثالث، على معلومات أو على اعتراف، أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه، هو أو شخص ثالث أو تخويفه أو إرغامه هو أو أي شخص ثالث- أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أيا كان نوعه، أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص أخر يتصرف بصفته الرسمية. ولا يتضمن ذلك الألم أو العذاب الناشئ فقط عن عقوبات قانونية أو الملازم لهده العقوبات أو الذي يكون نتيجة عرضية لها”.

[33]أنظر المادة (17) من اتفاقية جنيف الثالثة لعام 1949

[34]أنظر المادة (14) من اتفاقية جنيف الثالثة لعام1949

[35]راجع المواد (15) (29) (30) (31) (32) من اتفاقية جنيف الثالثة لعام1949.

[36]أنظر المادة (21) من اتفاقية جنيف الثالثة.

[37]سيد هاشم: مرجع سابق، ص 29

[38]أودري بومسي: النظام القضائي الإسرائيلي تمييز عنصري ضد الفلسطينيين، المجموعة الفلسطينية لمراقبة حقوق الإنسان،  السنة السادسة، العدد التاسع والعشرين، نيسان2002 ص8

[39]تجدر الإشارة إلى أن إسرائيل قد صادقت على اتفاقية جنيف بتاريخ 6 يوليوز 1951م أنظر:علي محمد علي حلس:حماية أسرى الحرب والمعتقلين في الأراضي الفلسطينية المحتلة مرجع سابق ص10

[40]فتحي عبد النبي الوحيدي: حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، دراسة مقارنة مطابع شركة البحر والهيئة الخيرية بقطاع غزة، الطبعة الأولى 1998، ص101

[41]راجع المادة (5) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، المادة (7) من العهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الفقرة 4 من المادة(17) من اتفاقية جنيف الثالثة، الفقرة1 من المادة(7) من نظام روما.

[42]راجع المادة (1) من اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبات القاسية ولاإنسانية والمهينة،لسنة 1984

[43]اسماعيل عبد الرحمان: الحماية الجنائية للمدنيين في زمن النزاعات المسلحة ، الجزء الثاني ، الهيئة المصرية للكتاب.، ص 695

[44]مِؤسسة الضمير لحقوق الإنسان مجلة صوت الضمير، دراسة، التعذيب في المعتقلات الإسرائيلية، العدد الحادي والعشرون يوليو 2007 ص5.

[45]International Investigative Mission Palestinian Detainees in Israil in human conditions of detention(17-22-february2003)p14.

أنظر أيضا عيسى قرقاع: الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية بعد أوسلو، جامعة بير زيت معهد الدراسات العليا طبعة 1993 ص 22 وما بعدها.

[46]مؤسسة الحق، أوضاع متغيرة وانتهاكات مستمرة، حقوق الإنسان الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي وفي مناطق الحكم الذاتي، تشرين الثاني 1995،ص 20

[47]مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان: التعذيب في المعتقلات الإسرائيلية، مجلة صوت الضمير ، العدد الحدي والعشرون، يوليو2007، ص9.

[48]ذكر تقرير لوزارة الأسرى بأنه خلال ما يزيد عن أربعة عقود من الاحتلال استشهد 197 أسير بعد اعتقالهم داخل سجون ومعتقلات الاحتلال

راجع المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان: 40 من الاحتلال،40 عام من الاعتقال، تقرير حول أضاع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، صادر سنة 2007،ص59

[49]قدورة فارس: تقرير إحصائي، صادر عن جمعية نادي الأسير الفلسطيني الدائرة الإعلامية، بتاريخ 17/4/2010

[50]جهاد شعبان البطش: المعتقلون الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية 1967-1985 رسالة دكتوراه طبعة 2006 ص56

[51]المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان: 40 عاما من الاحتلال 40 عاما من الاعتقال، تقرير حول أوضاع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية مرجع سابق ص 39-43

[52]تقرير لجنة حقوق الإنسان إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي عن دورتها الرابعة والخمسين، البند 4 من جدول الأعمال المؤقت، بتاريخ 19/2/1997

[53]جهاد شعبان البطش: المعتقلون الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية مرجع سابق،ص 154

راجع أيضا 40 عاما من الاحتلال 40 عاما من الاعتقال مرجع سابق ص 56

[54]جميل سرحان: الوضع الصحي للمعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، ميزان، مجلة دورية تصدر عن مركز الميزان لحقوق الإنسان العدد الأول يونيو بدون سنة النشر ص 25.

[55]إبراهيم أبو الهيجا: المنسيون في غياهب الاعتقال الصهيوني، مركز الإعلام العربي الطبعة الأولى سنة 2004،ص86-87.

[56] Report title : Behind the sun robbed freedom and absence rights the reality ofpalestinians detainees in the Israili occupation jails in 2009, Report prepared by :Fuad ALKHOFFACH (researcher),Ghassan OBAID (Human Rights Activist) translated by :Mohammed.s EL-NADI Vienna. April 01-2010. p 11.

[57]ابراهيم أبو هيجا: المنسيون في غياهب الاعتقال الصهيوني، مرجع سابقص100.

[58]أنظر:

 

علي محمد علي حلس : : حماية أسرى الحرب والمعتقلين في الأراضي الفلسطينية المحتلة دراسة تحليلية تطبيقية في اتفاقيتي جنيف الثالثة والرابعة لعام قدمت هذه الدراسة لنيل شهادة الماستر في القانون العام كلية الحقوق جامعة الأزهر سنة 2010 ص77 وما بعدها.

[59] تيسير النابلسي: الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية، مرجع سابق ص275

 

[60]راجع المادة 44 من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977.

[61]تيسير النابلسي: الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية مرجع سابق.ص 313،314،317.

[62]كانت السلطات الإسرائيلية قد أقدمت على إنشاء محكمة عسكرية في إيرز سنة 1994 عندما بدأت تطبيق اتفاقية أوسلو، وطيلة السنوات المنصرمة عملت المحكمة على تقديم لوائح الاتهام بحق ألاف الفلسطينيين من سكان قطاع غزة دون ان تتيح الفرصة لمحامي الفلسطينيين لثمتيلهم أو الدفاع عنهم، وقد قامت إسرائيل بإلغاء هذه المحكمة ونقل كافة القضايا المتعلقة بالأسرى الفلسطينيين من قطاع غزة إلى محكمة مدينة دير السبع على الرغم من أن القانون الإسرائيلي يقضي بمحاكمة غير المقيمين في إسرائيل أمام محكمة العاصمة أي القدس، وعليه أصبحت لوائح الاتهام الإسرائيلية المقدمة ضد أسرى قطاع غزة تستند إلى مخالفات قانون الجزاء الإسرائيلي لعام1977، وليس للأوامر العسكرية الإسرائيلية، فضلا عن استنادها لأحكام الطوارئ لعام1945 التي صدرت خلال فترة الانتداب البريطاني على الأراضي الفلسطينية.  راجع المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان: التوظيف الإسرائيلي لأدوات القانون، تقرير خاص حول الإجراءات الإسرائيلية الهادفة لتسويغ استمرارها في اعتقال معتقلي قطاع غزة رغم إعلان إنهاء الحكم العسكري عليه،بدون سنة النشر ص6  أنظر أيضا علي محمد علي حلس: حماية أسرى الحرب والمعتقلين في الأراضي الفلسطينية المحتلة دراسة تحليلية تطبيقية في اتفاقيتي جنيف الثالثة والرابعة لعام 1949م مرجع سابق ص 189.

[63]قانون الجزاء الإسرائيلي لعام 1977، هو القانون الذي يسري على مواطني إسرائيل، وقد عملت هذه الأخيرة على إنفاذ هذا القانون على سكان قطاع غزة بعد ما أدخلت التعديلات عليه،بعد إعلان إنهاء الحكم العسكري على القطاع ووقف العمل بموجب الأوامر العسكرية الإسرائيلية، وبذلك عوض ان تطلق سراح الأسرى بموجب اتفاقيات جنيف بسبب انتهاء الحكم العسكري، عملت إسرائيل على معاملتهم كمقاتلين غير شرعيين يخضعون لقانونها الداخلي.

[64]راجع البند2 من قانون اعتقال المحاربين غير الشرعيين الإسرائيلي لسنة 2002

[65]محمد أبو فياض. 16/06/2012. قانون ‘المقاتل غير الشرعي’..غطاء قضائي للجرائم الإسرائيلية بحق شعبنا.http://www.miftah.org/arabic/Display.cfm?DocId=13850&CategoryId=4

 

Leave a Comment

Your email address will not be published.