ماذا يريد اللاجئون في يومهم العالمي؟

ماذا يريد اللاجئون في يومهم العالمي؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1.عبدالله بن سهيل المهيدلي
أمين عام المنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر

في الاحتفال باليوم العالمي للاجئين 20 يونيو 2025م تحت شعار “التضامن مع اللاجئين”؛ حريُّ بنا أن نتذكر الملايين الذي أُجبروا على الفرار من ديارهم؛ إما بسبب النزاعات المسلحة؛ أو الكوارث الطبيعية؛ أو غير ذلك من الأزمات الإنسانية؛ وأن نعمل جميعاً على حشد التعاطف معهم؛ وإدراك معاناتهم الإنسانية؛ وإبراز همومهم وقضاياهم؛ وتقديم العون لهم؛ حيث إنهم يواجهون معاناة إنسانية غير مسبوقة؛ بعد أن تركوا كل شيء خلفهم في أوطانهم وهربوا باحثين عن ملاذ آمن لهم ولأسرهم؛ وهم في حاجة ماسة للمساعدة وتلبية احتياجاتهم المتزايدة باستمرار؛ وضمان حصولهم على المعونة الإنسانية دون قيود؛ وحسن معاملتهم بكرامة واحترام بصرف النظر عن جنسياتهم والدفاع عنهم ومناصرتهم؛ وتوفير بيئة أفضل لهم في المجتمعات المضيفة.
فلتكن هذه التظاهرة الدولية فرصة لتعزيز التعاون الدولي في تأمين استجابات فعّالة وعملية لخدمتهم؛ وتسليط الضوء على التهديدات التي دفعتهم للجوء ومحاولة وضع حلول ناجعة لها؛ والاستفادة من التقنية الحديثة في توفير مستقبل أفضل لهم ولأبنائهم وتأمين الأمن الصحي والاجتماعي لهم؛ إضافة لخدمات التعليم والتدريب لهم ولأبنائهم وغير ذلك من الاحتياجات الخدمية وتحسين حياتهم نحو الأفضل؛ ولندرك أنهم في حاجة ماسة إلى فهم واقعي وعملي لما يريدونه؛ ولعل أكثر ما يفقدونه عند عبورهم حدود أوطانهم هو كرامتهم؛ حيث إنهم فجأة يجدون أنفسهم في خيام مؤقتة أو مراكز استقبال مكتظة تفتقر فيها معايير الكرامة الإنسانية، مما يحتّم مضاعفة الجهود لتأمين الحق لهم للعيش حياة طبيعية؛ كما أنهم يريدون أن يكونوا فاعلين لا متلقين، شركاء لا عالة؛ حيث تشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن إدماجهم في سوق العمل يخلق فوائد اقتصادية للمجتمعات المضيفة، ويعزز التماسك الاجتماعي.
نحتاج في هذه التظاهرة العالمية لتجاوز الأقوال إلى تنفيذ تدابير ملموسة لمساندة من اضطروا إلى مغادرة بلدانهم؛ ومؤازرة العاملين في الإغاثة الذين يواصلون أداء واجبهم في أقسى الظروف حرصاً على أن تصل المساعدات المنقذة للحياة إلى اللاجئين؛ وأن نتذكر أن حمايتهم يمكن أن تتحقق من خلال تفعيل الاتفاقيات الدولية المعنية؛ ومساندة المنظمات والهيئات الإنسانية المعنية برعايتهم؛ ويمكن إطلاق تحالفات وشراكات بين المنظمات الحكومية وغير الحكومية وقطاع الأعمال المهتم بالشؤون الإنسانية من أجل تنفيذ مشاريع مشتركة لخدمة اللاجئين؛ مع توفير الدعم المالي الكافي للمنظمات الدولية العاملة في المجال الإنساني ليتسنى لها القيام بواجبها الإنساني نحو اللاجئين؛ ولا بد من مضاعفة الجهود لتأمين الدعم الدولي للدول المستضيفة للاجئين خصوصاً تلك التي تعاني أصلاً من أزمات اقتصادية.
ولا بد من تأمين العودة الآمنة للاجئين من خلال تسريع عملية إعادة التوطين لهم؛ وتعزيز الشراكات العالمية من أجل إزالة العقبات التي تحول دون عودتهم طواعية إلى بلدانهم الأصلية؛ حيث إن الكثيرين منهم ما زالوا يحلمون بالعودة إلى أوطانهم؛ على أن تكون طوعية وآمنة وكريمة، لا إجبارية ودون أن يكون ذلك على حساب أمنهم الشخصي.
يتطلع اللاجئون في يومهم العالمي إلى أن يُستمع إليهم؛ وإتاحة الفرصة لهم للمشاركة في تبني السياسات والقرارات الخاصة بهم، على أن تبقى أبواب الأمل مفتوحة أمامهم، لأنهم رغم كل شيء، لا يزالون يحلمون بغد مشرق يلتئم فيه رباط أسرهم من خلال إعادة الروابط العائلية لهم؛ ولم أسرهم المشتتة في أماكن اللجوء؛ وتحديد مصير ومكان وجود المفقودين منهم؛ مع إعطاء الأولوية لإنقاذ أرواحهم دون تعرضهم للغرق في رحلات اللجوء المحفوفة بالمخاطر؛ والسماح لهم باجتياز الحدود سواء كانوا يحملون وثائق سفر أم لا؛ مع تأمين الحماية القانونية والإنسانية لهم؛ والحفاظ على حقوقهم كاملة وفق اتفاقية عام 1951 وبروتوكول عام 1967.
ونشير هنا إلى أن الحماية القانونية للاجئين تعزز حماية حقوقهم وكرامتهم وسلامتهم؛ وتتضمن مجموعة حقوق وضمانات تكفلها القوانين الدولية والوطنية للأفراد الذي اضطروا لمغادرة بلادنهم؛ تهدف إلى توفير الأمن والاستقرار لهم ومنع إعادتهم إلى أوطانهم حيث قد يواجهون خطراً على حياتهم أو حريتهم؛ وتشمل هذه الحقوق الحق في طلب اللجوء؛ عدم الإعادة القسرية؛ المعاملة الإنسانية؛ الحصول على الوثائق والخدمات الأساسية من تعليم ورعاية صحية ومساعدة اجتماعية؛ والحق في العمل في البلد المضيف؛ والحماية من التمييز.
ولندرك دائماً أن قضية اللجوء تعد إحدى أكثر القضايا الدولية ذات التداعيات الإنسانية الخطيرة؛ ولا بد من النظر إليها كقضية إنسانية بالدرجة الأولى بعيداً عن أي اعتبارات أخرى سواء كانت سياسية أو دينية؛ تتطلب تكاتف دول العالم أجمع من خلال عصف ذهني عالمي لاقتلاعها من جذورها ومعرفة أسبابها؛ والسعي الجاد إلى الحد منها؛ مع تبني رؤية دولية مشتركة وصياغة حلول مبتكرة للتعامل مع القضية بوعي مستنير؛ واتخاذ موقف حاسم لوقف النزاعات المسلحة التي تدفع المواطنين إلى اللجوء خارج أوطانهم؛ وإطلاق المزيد من المنتديات الإقليمية والدولية لبحث تداعيات القضية ووضع خارطة طريق لمواجهتها من خلال تعزيز الحراك الدولي الفاعل لإنهاء أسباب اللجوء وذلك بالعمل على إرساء السلام ووضع حد للنزاعات المسلحة وكل مسببات المعاناة الإنسانية التي تدفع بالملايين إلى اللجوء؛ وتعزيز الالتزام السياسي الذي أظهره المجتمع الدولي في التصدي للجوء والنزوح القسري.
ختاماً في هذه التظاهرة الدولية نحتاج لمضاعفة العمل الجاد في معالجة قضية اللجوء، بدءًا من إنهاء النزاعات المسلحة وإنتهاء بدعم عمليات إعادة الإعمار؛ مع طرح هذه القضية في اجتماعات القادة بجامعة الدول العربية بمشاركة المنظمات المعنية ومؤسسات العمل العربي المشترك بهدف وضع حد لنزيف اللجوء من خلال إنهاء أي خلاف يمكن أن يتطور ويصبح نزاعاً مسلحاً.

اترك تعليقاً

Your email address will not be published.