أكد أن المنظمة العربية لا تتوانى عن بذل أي جهد لنصرة القضايا الإنسانية العربية

“د. التويجري”: عملنا إنساني بحت ولا نتدخل في أي خلافات سياسية
أطلقنا صندوق “آركو” للإغاثة والطوارئ لتخيف المعاناة الإنسانية للمتضررين من الكوارث

حاورته : واصلة عباس محمد نور ــ السودان

تظل منظومة العمل الإنساني في حاجة دائمة للتطور والمواكبة؛ والعمل المتواصل لبناء قدرات المجتمعات وتقوية بناءها لمواجهة كافة التحديات؛ والعمل على تلبية إحتياجاتهم الضرورية مع الحفاظ التام لكرامتهم والسعي لإزالة ما علق بمجتمعاتهم من كوارث ومخاطر.
وفي حوارنا مع الأمين العام للمنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر “آركو” الدكتور صالح بن حمد التويجري؛ أن المنظمة عملها إنساني بحت ولا تتدخل في أي خلافات سياسية؛ وتعمل كجزء من الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر ووفق مبادئها الأساسية السبعة؛ وتختص بالتنسيق بين الهيئات والجمعيات الوطنية للهلال الأحمر والصليب الأحمر؛ وأن الأمانة العامة للمنظمة أطلقت صندوق “آركو” للاغاثة والطوارئ لتخفيف التداعيات الإنسانية الناتجة عن الأزمات التي تحدث في عدد من دول المنطقة العربية؛ مشيراً في حوار أجرته معه واصلة عباس محمد نور بالسودان.

وفيما يلي نص الحوار:

ــ ماهي أبرز الملامح في البطاقات الشخصية لسعادتكم؟
بعد انهائي دراستي للمرحلة الثانوية ابتعثت إلى الولايات المتحدة الأمريكية وأكملت مرحلة البكالوريوس ومن بعدها الماجستير ثم الدكتوراة وعدت إلى بلدي 1985م وعملت بالتدريس الجامعي في كل من كلية الملك خالد العسكرية؛ وجامعة الملك سعود؛ ومركز البحوث التطبيقية؛ وبعدها التحقت بالعمل في وزارة الصحة السعودية وعملت مديراً عاماً للتدريب والابتعاث؛ ومديراً عاماً للتنظيم والأساليب؛ ثم وكيلاً للوزارة للطب العلاجي؛ كما عملت نائباً لرئيس هيئة الهلال الأحمر السعودي بداية من عام 1997م؛ وبعدها تم تكليفي رئيساً لهيئة الهلال الأحمر السعودي خلال الفترة 2005 ــ 2008م ؛ إضافة لذلك تقلدت عضويات العديد من المجالس واللجان المحلية والدولية في المجالات الإغاثية والصحية والاجتماعية منها على سبيل المثال مجلس الخدمات الصحية بالمملكة العربية السعودية ومجلس إدارة جمعية الأطفال المعاقين ولجنة أصدقاء المرضى بمنطقة الرياض ولجنة الحج المركزية ورئيس وعضو للعديد من لجان الاغاثة الخارجية؛ ورئيس اللجنة الوطنية الدائمة للقانون الدولي الإنساني بالمملكة العربية السعودية ورئيس اللجان العاملة بالحج المشاركة من هيئة الهلال الأحمر السعودي لما يقارب العشرين سنة؛ وعضو في العديد من الجمعيات الخيرية التطوعية.

ــ منذ أن توليتم منصب أمين عام المنظمة العربية قبل أربع سنوات وحتى الآن .. اتخذتم وسائل وإجراءات لتحقيق أهداف خدمة العمل الإنساني .. نود تسليط الضوء على هذا الجانب؟
حّددت لنفسي عدة أهداف ووسائل وعملت منذ تولي منصبي كأمين عام للمنظمة على تحقيقها وألخصها في الآتي :
أولاً : بناء وتطوير قدرات الجمعيات الوطنية العربية لتكون الشريك الإنساني الأول للحكومات وفق ما حددته اتفاقيات جنيف والنظام الأساسي للحركة الدولية وكان التركيز على :
ــ رفع مستوى الاستعداد للكوارث وإدارتها لدى أعضاء المنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر.
ــ بناء قاعدة من المتطوعين المتدربين والمؤهلين لتقديم العون الإنساني.
ثانياً: نشر مبادئ القانون الدولي الإنساني خاصة في المنطقة العربية التي تعد من أكثر المناطق في العالم التي تنتشر فيها النزاعات المسلحة في الوقت الحاضر وما ينتج عنها من لجوء ونزوح للسكان.
ثالثاً: توسيع وتعزيز الشراكات مع المؤسسات والمنظمات الإقليمية والدولية خاصة تلك التي في المنطقة العربية مثل جامعة الدول العربية ومنظماتها ووكالاتها المتخصصة.
رابعاً: رفع كفاءة أداء العمل في الأمانة العامة للمنظمة العربية لتكون أكثر فعالية واستجابة لتحقيق رسالتها الإنسانية؛ وذلك من خلال إعادة بناء الهيكلة الإدارية وادخال الإدارة الإلكترونية.
خامساً: رفع مستوى التفاعل والشراكة فيما بين أعضاء المنظمة العربية من الهيئات والجمعيات الوطنية للهلال الأحمر والصليب الأحمر.
سادساً: التواجد الفاعل للمنظمة العربية على المستوى الدولي لخدمة القضايا الإنسانية في الوطن العربي.
2ــ ماذا عن إضاءاتكم التعريفية للمنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر ؟
المنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر هي منظمة عربية إنسانية غير حكومية ذات طابع دولي؛ تتخذ من الرياض مقراً لها؛ وتعمل على تنسيق العمل العربي الإنساني الرامي إلى تخفيف معاناة المتضررين من الكوارث والفئات الأكثر ضعفاً؛ وتحرص على تحقيق الاستجابة العاجلة للنداءات الإنسانية وتوثيق المساعدات التي تقدمها الهيئات والجمعيات الوطنية للهلال الأحمر والصليب الأحمر؛ وهي تختص بالتنسيق فيما بينها؛ وظهرت فكرة تأسيس أمانتها العامة في عام 1965م أثناء اجتماع الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر في فيينا عاصمة النمسا؛ حينما كانت الجمعيات الوطنية العربية آنذاك لا تربطها أي رابطة ولا يوجد تنسيق فيما بينها ولم يكن لها تأثير كمجموعة في أوساط الحركة الدولية؛ وتوالت الاجتماعات وصولاً إلى اجتماع الرياض عام 1975م الذي نضجت فيه فكرة إنشاء المنظمة؛ وبارك الملك فيصل ــ طيب الله ثراه ــ تلك الفكرة حين تم الرفع لجلالته؛ وتقوم المنظمة بمهام التنسيق والتنظيم لتوحيد الجهود؛ وكان مقر أمانتها العامة في جدة ثم تم نقل مقرها إلى مدينة الرياض.

 

ــ ما هي الغاية من تأسيس المنظمة في ظل وجود جمعيات وطنية في الدول العربية ذات السيادة ؟
من أهداف الأمانة العامة للمنظمة العربية في المجالين الإقليمي والدولي العمل كجهاز دائم للاتصال والدعم والتنسيق بين الجمعيات الوطنية العربية والجمعيات الأخرى؛ وتشجيع برامج التعاون الثنائية والجماعية بين هذه الجمعيات؛ ودعم برامج التنمية والتطوير من أجل إنجاح المشاريع المحققة لرسالة الحركة الدولية؛ الاهتمام بالجمعيات الوطنية ذات الإمكانيات المحدودة والعمل على بناء قدراتها؛ وتنسيق عمليات الإغاثة والاسعاف بين الجمعيات الوطنية العربية لمساعدة ضحايا الكوارث الطبيعية وغير الطبيعية التي تتعرض لها البلاد العربية؛ وتعزيز مجالات التعاون بين الهيئات والجمعيات الوطنية العربية والاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر واللجنة الدولية للصليب الأحمر والجمعيات الأخرى؛ والعمل من أجل تنسيق مواقف الجمعيات الوطنية العربية في القضايا الإنسانية وتحديد أساليب عرضها في المؤتمرات الدولية للحركة الدولية؛ وتطوير الوسائل والأساليب للتعريف بالمبادئ الأساسية للحركة الدولية ونشر القانون الدولي الإنساني والعمل من أجل السلام وكرامة الإنسان وحقوقه.

ــ هلي يمكن تصنيف المنظمة على أساس اتحاد عام أسوة بمنظومة الحركة الدولية؟
المنظمة العربية هي ليست اتحاد عام؛ بل كما ذكرت سابقاً هي منظمة عربية تختص بالتنسيق بين جمعيات الهلال الأحمر والصليب الأحمر بالمنطقة العربية؛ وهي تعني بالعمل الإنساني ونشر القانون الدولي الإنساني؛ وتعمل كجزء من الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر والاتحاد الدولي واللجنة الدولية وفي إطار مبادئ الحركة الدولية وهي الإنسانية وعدم التحيز والحياد والاستقلال والخدمة الطوعية والوحدة والعالمية من أجل حماية حياة وكرامة ضحايا النزاع المسلح و حالات العنف والطوارئ الأخرى وتقديم المساعدة لهم؛ وتجنيب المعاناة الإنسانية وتخفيفها أينما وجدت؛ وحماية الحياة والصحة العامة؛ وضمان كرامة الإنسان؛ والعمل على الوقاية من المرض؛ وتنمية الإحساس العالمي بالتضامن مع جميع المحتاجين.
ــ وهل تمت تنشئة المنظمة العربية وفق لوائح الحركة الدولية؟ وعلى أي الأسس واللوائح التي استندت في تكوينها ؟
أنشئت المنظمة العربية كجزء من الحركة الدولية وتعمل وفق مبادئها السبعة؛ وللمنظمة لجنة تنفيذية ولها هيئة عامة تمثل السلطة العليا؛ وقد أقرت النظام الأسامي والنظام الداخلي للمنظمة واللذان يحتويان على رسالة ورؤية المنظمة وأهداف إنشائها وتنظيم أعمالها؛ وتعقد اجتماعاً سنوياً تستعرض فيه عمل المنظمة وتعطي توجيهاتها؛ وتحتاج من وقت إلى آخر إلى دراسة نصوص نظامها الأساسي والداخلي واجراء ما تراه من تعديل يتوافق مع التغيّرات على المستوى الإقليمي والدولي.
.
ــ ما هو دورها تجاه قضايا الجمعيات الوطنية ؟
تعمل المنظمة كجهاز دائم للاتصال والدعم والتنسيق بين الجمعيات الوطنية؛ وانطلاقاً من هذا المفهوم فإنها لا تتوانى في خدمة أي قضية من قضايا مكوناتها من الهيئات والجمعيات الوطنية.

ــ من أين للمنظمة بالمصادر التمويلية لدعم الجمعيات الوطنية ؟
المصادر التمويلية الخاصة بالمنظمة تتمثل في دعم حكومة المملكة العربية السعودية التي تقدم دعماً مالياً سنوياً لتغطية المصروفات التشغيلية للأمانة العامة وصيانة وتشغيل مقرها والذي تم تشييده بتمويل كامل من المملكة وفق أحدث طراز معماري في حي السفارات بمدينة الرياض؛ واستناداً للنظام الأساسي إن التمويل للمنظمة ياتي من الاشتراكات الدستورية التي يدفعها أعضاء المنظمة العربية الهيئات والجمعيات الوطنية للهلال الأحمر والصليب الأحمر في ميزانية الأمانة العامة سنوياً؛ ويبدأ استلامها عادة مع بداية كل عام ميلاي؛ كما ورد في النظام الأساسي بأن من مصادر التمويل الهبات والتبرعات التي يقدمها المانحون؛ وكذا نصت اتفاقية مقر الأمانة العامة للمنظمة الموقعة مع المملكة العربية السعودية ممثلة بوزارة الخارجية؛ أما التمويل الخاص بدعم الجمعية الوطنية المتضررة من أي كارثة فإنه يتوفر من خلال آليات التنسيق التي تجريها الأمانة العامة للمنظمة مع الجمعيات ومع المانحين الآخرين من الشركاء؛ واطلاق النداءات الإنسانية لتعزيز الاستجابة الإنسانية.

ــ كيف تؤدي المنظمة العربية دورها والتزامها تجاه القضايا الإنسانية الممزوجة بالشأن السياسي ” القضية الفلسطينية نموذجاً” ؟
لا تتوانى الأمانة العامة للمنظمة عن بذل أي جهد لنصرة القضايا الإنسانية العربية، إذ تحرص في أي محفل إقليمي أو دولي على تحقيق ذلك الهدف، وسبق أن قادت حراكاً دبلوماسياً ناجحاً في استثمار الاجتماعات الدستورية للحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر بجنيف وتوجيه قراراتها لصالح المنطقة العربية خصوصاً ما تعلق بمذكرة التفاهم بين الهلال الأحمر الفلسطيني ونجمة داوود الحمراء الذي بناء عليه أصبحت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني عضواً كامل العضوية في الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر، وهكذا في أي اجتماع دولي تسعى إلى أن تكون لها بصمة في خدمة القضايا الإنسانية بالوطن العربي والسعي إلى نشر مفهوم الدبلوماسية الإنسانية والدعوة للأخذ بها كمنهج يحد من الصراعات والنزاعات المسلحة

ــ وما هو دوركم في تذليل المعوقات التي تعتري الجمعية؛ سيما الخلافات التي مردها سياسي ؟
نحن عملنا إنساني بحت لا نتدخل في أي خلافات سياسية داخل البلدان العربية ؛ حيث إن هناك جهات معنية تختص بهذه الخلافات؛ ونعمل على تذليل المعوقات الأخرى لعمل الجمعية الوطنية خاصة بما يخدم العمل الإنساني.

ــ لكم لقاء سابق مع البنك الإسلامي للتنمية؛ فيم تمثلت مخرجات ذاك الاجتماع ؟
استعرضنا في لقائنا مع معالي رئيس البنك الإسلامي للتنمية الدكتور محمد سليمان الجاسر الجهود التي تبذلها المنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر في مجال الدعم الإنساني؛ وبحثنا معاً تفعيل التعاون المشترك بين الطرفين؛ وتم الاتفاق على أهمية إعداد تصور واضح لما يمكن تنفيذه على أرض الواقع وطرق تمويله في حدود المهام الموكلة للبنك الذي يعد مؤسسة إنمائية هدفها بالأساس المساهمة في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في بلدانه الأعضاء، وهو المؤسسة المالية الوحيدة في العالم الإسلامي التي تتمتع بأعلى تصنيف ائتماني؛ وقدم لنا دكتور الجاسر أمثلة على المبادرات والبرامج والمشاريع ذات الأثر التنموي الكبير في مختلف بلدانه الأعضاء.

ــ إلى أي مدى وصل النداء الإنساني الذي أطلقتوه بقيمة 96 مليون و937 ألف دولار لإغاثة متضرري زلزال سوريا ؟
تمت تغطية جزءاً كبيراً منه من قبل العديد من الهيئات والجمعيات العربية المانحة وكذلك شركائنا المانحين من خارج الحركة ولله الحمد.

ــ ما دوركم تجاه القضايا الراهنة لدى الجمعيات الوطنية؟ ما هي العوامل التنظيمية التي تبنى عليه؟ وكيف يتم التنسيق ؟
يتمثل دور الأمانة العامة للمنظمة تجاه القضايا الراهنة للجمعيات الوطنية في توحيد وتنسيق جهودها وتعزيز التعاون في ما بينها وتنمية قدراتها لخدمة العمل الإنساني في دول الوطن العربي والعمل على وقاية الإنسان العربي من أسباب المعاناة والحفاظ على كرامته في السلم والحرب.

ــ كيف تتم حماية الأطقم الطبية والإسعافية بعيداً عن لغات الشجب والإدانة ؟
يجب بداية نشر الوعي بالقانون الدولي الإنساني والمطالبة بمراعاة تطبيقه ورصد الانتهاكات التي تتم وذلك ما يهمنا في الحركة الدولية؛ وهناك العديد من التجاوزات والانتهاكات التي اتخذ بحقها إجراءات قانونية ووصلت إلى المحاكم الدولية؛ وهذا دور الحكومات في المقام الأول مما يجعله عرضة للانتقائية بكل أسف وتلعب المصالح والسياسة دوراً رئيسياً فيه..
ويظل الاعتداء على الأطقم الطبية والاسعافية العاملة على تضميد جراحات المصابين؛ أمراً مرفوضاً ولا بد من اتخاذ ما يلزم لمنع تكراره؛ لما يتركه من أثر كبير على تفاقم إصابات الجرحى؛ ويشكل انتهاكا صارخاً للحق في الحياة والسلامة الشخصية لأفراد الخدمات الطبية الاسعافية؛ كما أنه انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني؛ ونشير هنا إلى أهمية الحصانة الدولية لشارات الهلال الأحمر والصليب الأحمر والكرستالة الحمراء؛ وذلك طبقاً لاتفاقيات جنيف الأربع 1949؛ والبروتوكولات الثلاثة الملحقة بها .

ــ في حوار سابق لك ذكرت أن بناء السلام يأتي بنبذ العنف وتحسين أمن المجتمعات؛ إلى أي مدى سارت خطواتكم في هذا الشأن ؟
تظل الدبلوماسية الإنسانية من أفضل الآليات لاقناع صانعي القرار وأصحاب الرأي العام بالعمل على الدوام لما هو في مصلحة المستضعفين باحترام المبادئ الإنسانية؛ تظل الدبلوماسية الإنسانية إحدى أدوات العمل الإنساني وتقوم بدور الوسيط في حل القضايا المتأزمة من صراعات ونزاعات مسلحة تعجز عن حلها الدبلوماسية الدولية؛ والمهمة الأساسية للدبلوماسية الحديثة هي التفاوض بغرض منع وقوع الخلاف أو تحويله إلى نزاع مسلح يترك دماراً كبيراً؛ وبما أن النزاعات المسلحة بدأت تنتشر بشكل واضح لا بد من العمل على نشر المعرفة بقواعد القانون الدولي الإنساني على أوسع نطاق؛ وهذا ما تسعى إلى تحقيقه المنظمة العربية من أجل حفظ كرامة من يعانون من ويلات الحروب والنزاعات المسلحة.

ــ مع التغيّرات المناخية التي اجتاحت العالم؛ والإحتياج العلمي بضرورة توفير التقنيات الحديثة؛ ومراكز التنبؤات في عمليات الحد من مخاطرها؛ ما هو الدور الفعلي للمنظمة العربية في هذا الشأن ؟
تهتم الأمانة العامة للمنظمة العربية بتنمية قدرات الهيئات والجمعيات الوطنية في التنبؤ والاستعداد للكوارث قبل وقوعها من أجل تخفيف تداعياتها وآثارها بما يتماشى مع هدف إطار سنداي للحد من مخاطر الكوارث 2015ـ2030 ؛ ويأتي هذا الاهتمام في وقت أعلن الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر أن نحو أكثر من 51.6 مليون شخص على الأقل حول العالم تأثروا سلباً بسبب الكوارث الناجمة عن التغيّر المناخي كالفيضانات والعواصف وحرائق الغابات. وفي إطار اهتمامنا بالتصدي للكوارث أطلقنا في الأمانة العامة للمنظمة حملة شاملة للتوعية بمخاطرها وتخفيف أضرارها وتفعيل آليات مواجهتها بتطوير استراتيجيات إدارتها، حيث إن استمرارها يعوق الجهود الرامية إلى تحقيق التنمية المستدامة؛ وهذا يُضاعف مسؤوليات الجهات المختصة في وضع الترتيبات اللازمة للتنبؤ بالكوارث وزيادة الاستثمار في هذا المجال لتعزيز قدرة المجتمعات المحلية على الحد من مخاطرها والعمل على بناء قواعد بيانات الكوارث وتطوير وسائل إنذار مبكر والارتقاء بمهارات العاملين والمتطوعين وبقية السكان بكيفية التصرف في حال وقوع كارثة؛ وقد أطلقت الأمانة العامة للمنظمة مبادرة التشجير لغرس 500 مليون شجرة في دول الوطن العربي خلال الفترة 2021ــ 2030؛ وذلك انطلاقاً من رسالتها الإنسانية وفي إطار إدراكها لخطورة التداعيات الناتجة عن التغيّرات المناخية والاختلالات البيئية؛ وتهدف المبادرة لتفعيل مشاركة الجمعيات والهيئات الوطنية في تعزيز الوعي المجتمعي والحملات التوعوية لزيادة فهم واستيعاب مخاطر التغيّر المناخي؛ وزيادة مساحة الرقعة الخضراء من أجل تحسين جودة الهواء وخفض درجة الحرارة؛ ولعل مبادرتي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي عهد المملكة العربية السعودية “السعودية الخضراء” و”الشرق الأوسط الأخضر” تمثلان أهمية كبيرة في هذا الشأن؛ ونشير هنا إلى أن الأمانة العامة للمنظمة أطلقت المركز العربي للاستعداد للكوارث ليكون نقطة ارتكاز لكل الهيئات والجمعيات الوطنية للهلال الأحمر والصليب الأحمر للتعاون معها في إدارة الكوارث والتنبؤ بها، وبناء قدراتها وتبادل المعلومات والخبرات الخاصة بالتنبؤ بالكوارث وتعزيز الاستجابة لها، ويسعى المركز باستخدام أحدث تقنيات التنبؤ في رصد ومتابعة إشارات الإنذار المكبر للكارثة وإبلاغ الهيئة أو الجمعية الوطنية وغير ذلك من الجهات المختصة بها قبل حدوثها، لعمل ما يمكن عمله من أجل التقليل من خسائرها، ثم تحليل مخاطرها وتوجيه النداءات الإنسانية للهيئات والجمعيات الوطنية وشركاء العمل الإنساني من أجل تعزيز الاستجابة بتقديم المساعدة لأي هيئة أو جمعية في حالة وقوع كارثة وإعداد تقارير لتوثيق هذه الاستجابة

.

ــ ما هو مستوى علاقتكم التنسيقية على المستويات الدولية والعربية ؟
تعد الأمانة العامة للمنظمة عضواً مراقباً في الأمم المتحدة وعضواً مراقباً فاعلاً في جامعة الدول العربية واللجنة العليا للعمل العربي المشترك وعضو مراقب في الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر؛ وهي من خلال هذه العضوية الفاعلة تعمل على تعزيز آليات التنسيق على المستويات الدولية والعربية في حالة وقوع أي كارثة أو حالة طارئة من أجل تعزيز الاستجابة الإنسانية للمتضررين؛ ولضمان نجاح التنسيق نحرص على اتباع الطرق المثلى المطلوبة وأهمها توحيد المسؤولية المالية والادارية؛ والتوقيع على اتفاقيات سريعة تحدد المهام واختصاصات كل طرف من الأطراف؛ والحصول على المعلومات وتبادلها مع الجهات ذات العلاقة؛ مع تكامل المساعدات والمشاريع؛ والتواصل مع الجمعيات الوطنية والشركاء والجهات المانحة من أجل ضمان تلبية الاحتياجات المطلوبة؛ وتوحيد التعامل الإعلامي مع أي أزمة أو كارثة؛ وتوحيد الإدارة المشتركة للعمليات في موقع الكارثة؛ واصدار تقارير موحدة عن الاحتياجات وكل تفاصيل المساعدات المقدمة للمتضررين؛ وفي إطار اهتمامنا بالتنسيق أطلقنا صندوق المنظمة العربية للإغاثة والطوارئ الذي أجازت إنشاءه الهيئة العامة للمنظمة؛ وتم تشكيل لجنة برئاسة الكويت وأربعة أعضاء من الجمعيات الوطنية؛ بالإضافة إلى الأمانة العامة للمنظمة لوضع آلية عمله؛ وستكون له اسهاماته الفاعلة في خدمة العمل الإنساني؛ وتخفيف تداعيات الكوارث والأزمات على المتضررين منها.

.
ــ على الرغم من الثورة العلمية في التدريب؛ إلا أن تدريب المتطوعين لا زال يتم بطرق تقليدية؛ ما هي رؤيتكم الحالية لتدريب المتطوعين؟
يشكل التطوع أهمية كبيرة في عالم الإنسانية.. وهو ليس ترفاً بل ضرورة ملحّة ومهمة لخدمة العمل الإنساني؛ كونه ممارسة إنسانية نبيلة لتقديم الخدمات الإسعافية والإغاثية أثناء الكوارث، ويعد من أهم الركائز الأساسية التي تقوم عليها هيئات وجمعيات الهلال الأحمر والصليب الأحمر؛ حيث يسهم في تعزيز تكافل المجتمعات والتصدي لأي تحديات إنسانية بشكل جماعي، كما أنه أحد المبادئ الأساسية للحركة الدولية للصليب الأحمر، ونحن في حاجة ماسة له في ظل تزايد معدل الكوارث الطبيعية والصراعات المسلحة والأزمات الإنسانية، من أجل مساعدة المتضررين، ونظل أيضاً في حاجة لتنمية روح المبادرة للعمل التطوعي الإنساني من خلال تقدير المتطوعين على ما يبذلونه من جهد في سبيل خدمة الأعمال الإنسانية، وهناك عدة خطوات لإثراء العمل التطوعي منها التعريف به ونشر ثقافته وتكثيف الحملات التوعوية بأهميته في تعزيز التكافل الاجتماعي ودعم التنمية المستدامة وتضمين المناهج الدراسية مقررات تركز على مفاهيم العمل التطوعي، والعمل على تنظيمه وجعله عملاً مؤسسياً وفق تشريعات محددة تحفظ حقوق المتطوع وتحدد واجباته وتعلي من شأنه في المجتمع، وتشجيع القطاع الخاص على اطلاق مشاريع تدعم العمل التطوعي.
أما فيما يتعلق برؤيتنا لتدريب المتطوعين فإنها تتمثل في كيفية اختيارهم وتدريبهم لرفع مستوى أدائهم ومساعدتهم على أداء مهامهم بطريقة أفضل وبأقل جهد ممكن؛ وزيادة الكفاية الإنتاجية لهم؛ وهذا لا يتحقق إلا بتزويدهم بالمعارف المرتبطة بأعمالهم وإكسابهم المهارات اللازمة بمهام وظائفهم والاتجاهات النفسية المواتية واللازمة لتحسين إنتاجهم؛ وتحفيز وعيهم واحساسهم بالموضوعات التي تحيط بهم في مجتمعهم وبث روح القيادة بينهم حتى يستفيدوا من الخبرات والتجارب التي يمرون بها في أعمالهم حتى تكون مفيدة وذات معنى.

اترك تعليقاً

Your email address will not be published.