استخدام التكنولوجيا في مساعدة اللاجئين

استخدام التكنولوجيا في مساعدة اللاجئين

يواجه اللاجئون والنازحون معاناة إنسانية في رحلة اللجوء والنزوح المحفوفة بالمخاطر، وفي المخيمات يعيشون أوضاعاً سيئة، ويفتقرون لأبسط مقومات الحياة، ما يتطلب توفير الحماية اللازمة لهم وتقديم المساعدات المنقذة للحياة، بعد أن دفعتهم الصراعات المسلحة في بلدانهم للهروب إلى ملاذ آمن ، وهم ينقسمون إلى قسمين أحدهما يمتلك القدرة المادية ويستطيع ايجار او تكوين بيت جديد في بيئة جديدة بعيدا عن موطنه الأصلي وربما لا يحتاج إلى مساعدة في بعض الأحيان، لكنه يظل لاجئاً، والقسم الاخر هم الذين خرجوا من ديارهم ولا يملكون قوت يومهم ودائما ما يتجمعون في أماكن يعتبرونها آمنة بالنسبة لهم، وتتم رعايتهم عن طريق المنظمات الدولية العاملة في المجال الإنساني وهم يعانون أقسى ظروف الحياة (الشكل 1 ) ، ومكان التجمع يسمى بمخيم اللاجئين وهو عبارة عن مجموعة من الخيام يسكنون فيها أو عبارة عن حي سكني يشبه اي حي سكني عادي.

 

المجتمع في مخيم اللاجئين :

في هذه الدراسة سنركز على اللاجئين في المخيمات لأنهم في حاجة للمساعدة أكثر من غيرهم المتواجدين في أماكن أخرى، إذ تجمع هذه المخيمات فئات ضعيفة يعانون من شدة الفقر، عوائل ليست لديها القدرة على توفير احتياجاتهم الاساسية وأهمها السكن الصحي.

وفق المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أُجبر 70.8 مليون شخص في كافة أنحاء العالم على الفرار من ديارهم، ومن بين هؤلاء حوالي 25.9​  مليون لاجئ، وأكثر من نصفهم دون سن الـ 18 عاماً، لذلك لا يمكن تطبيق معايير المجتمع العادي المحتوي على كل الفئات المنوعة من الناس على مجتمع مخيم اللاجئين،  ولمساعدتهم لا بد من تعريفهم علمياً ليتسنى لنا وضع أساسيات المساعدة اللازمة لهم ليتمكنوا من تجاوز المحن والصعوبات التي هم يعانون منها .

مجتمع المخيم هو مجتمع مستهلك لا ينتج لديه عجز كبير جدا في كل مقومات الحياة الأساسية، فيه أعلى معدلات الفقر وأعلى معدلات العاجزين وذوي الإعاقة، وأقل معدلات التعليم، وبالتأكيد اعلى معدلات البطالة وانتشار الامراض.

تحديد مشاكل اللاجئين :

إحدى المشكلات الأساسية للاجئين هي عدم توفر المدارس ودور التعليم، ووفق ــ صحيفة الغارديان ــ يقدر عدد الأطفال اللاجئين الذين انقطعوا عن دراستهم بحوالي 300 ألف طفل من مجموع مليون ونصف لاجئ سوري يعيشون في لبنان، و أن أقل من 3 في المائة من السوريين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و18 سنة مسجلون في المدارس الثانوية، وترجع مشكلة عدم توفير التعليم لأبناء اللاجئين لعدة أسباب منها اكتظاظ المدارس في البلد المضيف لهم،  وعدم وجود أماكن شاغرة لطلاب جدد مثل ما حدث في لبنان و الأردن، وأيضا اختلاف اللغة وصعوبة الاستمرار في التعليم مثل ماحدث في اليونان و دول شرق أوروبا وتركيا حيث يقدر عدد اللاجئين في تركيا بـ 3.5 مليون لاجئ، وفي دول شرق أوروبا حوالي 500 الف لاجئ، ووهمو أهم سبب هو عدم وجود معيل للعائلة لسد رمقها، وذلك يضطر الأطفال لترك المدارس والبحث عن العمل .

وهناك مشكلة اساسية تواجه كل مخيمات اللاجئين حول العالم تتمثل في عدم توفر فرص العمل لهم، وكما ذكرت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” أن نحو 56 في المئة من اللاجئين الفلسطينيين القادرين على العمل يعانون من البطالة بسبب حرمانهم من حق العمل إلا في مهن محددة، حيث لا يجدون فرص العمل متاحة أمامهم في الخارج لتأمين قوت يومهم.

وفي الجمهورية اليمنية التي يعيش 80 في المائة من سكانها تحت خط الفقر يوجد حوالي 3.2 مليون نازح داخلي.

كما أن الصحة المجتمعية في مخيمات اللاجئين سيئة للغاية، حيث تنتشر الأمراض والأوبئة التي تعتبر الهاجس الأول لكل المنظمات المهتمة بمساعدة اللاجئين، ولعل يرجع سبب تفشي هذه الأمراض إلى عدم وجود أي بنية تحتية للصرف الصحي كما هو موضح في (الشكل 3 ) مخيم للاجئين السوريين في اليونان الذي انتشر فيه وباء كورونا وتم وضعه تحت الحجر الصحي .

وكما شرحنا سابقا أن في مخيمات اللاجئين أعلى معدل من المصابين بالأمراض المزمنة كالسكري والقلب، ويوجد فيها عدد كبير من المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة، كما أن هروب معظم اللاجئين بشكل عاجل جعل معظمهم لا يملكون أي سجلات طبية لمتابعة حالاتهم الصحية، الأمر الذي فاقم مشكلاتهم، كما يلاحظ أن أكثر من 20 مليون لاجيء حول العالم هم من الاطفال الذين لا يملكون سجلات طبية في مجال التطعيمات، ما ينذر بكارثة صحية لهم.

ومن أنواع المعاناة في المخيمات صعوبة توصيل أي نوع من المساعدات للساكنين فيها، إذ تعتبر هذه مهمة مكلفة وصعبة في ظل وجود عصابات مجرمة تنهب وتسرق هذه المساعدات، حيث يتعرض العاملون في تقديم الإغاثة للاختطاف وإجبارهم على دفع مبالغ مادية في سبيل إطلاق سراحهم.

استخدام التكنولوجيا في مساعدة اللاجئين

بعد أن قدمنا شرحاً عن شكل المجتمع المتكون في مخيم اللاجئين والصعوبات والمشكلات التي تواجههم، نقدم حلولاً تركز على استخدام التكنولوجيا في تخفيف معاناة اللاجئين ومساعدتهم في مواجهة أي صعاب تعترضهم، ويمكن الاستفادة في هذا الشأن من منظمة “تيكفيوجيز” (Techfugees) التي تضم حوالي 18 ألف مبتكر في جميع أنحاء العالم،

وتطلق المنظمة كل سنة مؤتمراً عالمياً لتفعيل استخدام التكنولوجيا في خدمة اللاجئين، وقد شارك في مؤتمرها في نسخته الثانية في باريس مؤخراً أكثر من 500 شخص من رجال الأعمال والمهندسين والمصممين والعاملين في مجال حقوق الإنسان والباحثين وغيرهم، وناقشوا كيفية استخدام التكنولوجيا في مساعدة اللاجئين طوال رحلة اللجوء، وصولا إلى المكان الذي سيحتضنهم، وأطلق المؤتمر مسابقة أفضل التطبيقات في هذا المجال.

التعليم

ان التقدم التقني حول العالم وخاصة في مجال التعليم عن بعد جعل مسألة الحصول عليه أسهل وأرخص من قبل، حيث تم تجريب ذلك في عدة مخيمات فعلى سبيل المثال ساعدت لعبة أنتورا والحروف (Antura and the Letters)- أطفال اللاجئين السوريين على تعلم القراءة بالعربية (الشكل 5)، وتهدف إلى رفع معنوياتهم وتعزيز صحتهم النفسية. ويعمل هذا التطبيق على الهواتف الذكية القديمة ولا يستوجب اتصالا بالإنترنت.

أما منظمة بايبر آربلينز (Paper Airplanes)-
ــ وهي منظمة غير ربحية ــ تعتمد على تكنولوجيا مؤتمرات الفيديو، لتوفير دروس مجانية في مجالات اللغة والمهارات الشخصية للأطفال المتأثرين بالنزاعات المسلحة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كما أنها تعطي نتائج رائعة في توفير المعلومة لبعض الشباب في مخيمات اللاجئين.

كما ان منصة سكول أكس (SchoolX)-, (الشكل 6) يعمل عليها معلمون متطوعون، بما في ذلك طلاب الجامعات واللاجئون المتعلمون والمعلمون المتقاعدون والمتطوعون المحليون الآخرون، بهدف توفير التعليم للطلاب اللاجئين، وفي هذه المنصة قاعدة بيانات لربط المعلمين والطلاب بناءً على احتياجاتهم ومهاراتهم والقرب الجغرافي من أجل تنظيم دروس لهم في الأماكن التي يعيشون فيها.

صحيح أن التعليم عن بعد من أهم الحلول لأزمة تعليم أبناء اللاجئين، إلا أن معظمهم لا يملكون أجهزة ذكية ولا يتمكنون من الوصول إلى شبكات الإنترنت، وإذا ما تم توفير اجهزة تابلت ذكية لعوائل اللاجئين فإنها غالباً ما تضطر لبيعها لتأمين ما تقتات به، كونها تواجه وضعاً معيشياً صعباً، كما أن هذا النوع من الحل مكلف للغاية، كما أنه يصعب أن تفرض على الطفل اللاجئ الالتزام بمتابعة العملية التعليمية، لذلك يظل الحل الأفضل والأقل تكلفة لاستخدام التكنولوجيا في توفير التعليم للاجئين هو انشاء مركز شبيه بمركز ”بوردرلس“و هو عبارة عن فصل دراسي صغير يطل على البحر الأبيض المتوسط في بيروت​، يتعلم فيه شبان من اللاجئين السوريين الرياضيات على أجهزة كومبيوتر محمولة كخطوة أولى نحو التعليم الرسمي حيث تقول لينا عطار العجمي، المؤسسة المشاركة في هذا المركز وهي من دمشق: (الشكل 7)،”ما نفعله هو أن نأتي بهم إلى هنا ونمنحهم التعليم الأساسي ليتمكنوا من اللحاق بمستويات التعليم المناسبة لهم، وإرسالهم في نهاية المطاف إلى المدارس الرسمية“.

بالاعتماد على نتائج هذه التجربة الناجحة في إعطاء دروس أساسية في الإلمام بالقراءة والكتابة والحساب والرياضيات لأكثر من 150 طفلاً سورياً، نشير إلى أنه يمكن انشاء مراكز تعليمية في مخيمات اللاجئين، وهذا يتطلب تأمين مبنى، معلمين، واشراف وإدارة، وبالطبع يصعب بناء مبنى لأن التكلفة ستكون عالية، فالأولى تشييد مبان لسكن اللاجئين، فالأفضل ان يكون المركز على شكل حاويات وكنتورات لاحتواء الطلبة والمعلمين، حيث أنه مع التقدم التكنولوجي تم إنشاء حاويات ذكية مقاومة للظروف المناخية مثل تلك التي ابتكرها رجل الأعمال الألماني هارالد نايدهاردت، فبالتعاون مع شركة سيسكو للأجهزة وخدمات الترجمة، استطاعت شركته تطوير وسيلة لتحويل الحاويات إلى حاويات ذكية (الشكل 8)ويتم ربطها عن طريق الفيديو بمترجمين فوريين يعملون على ترجمة أكثر من 50 لغة، وقد استغرق الأمر منه ستة أسابيع ,هذه الطريقة ناجحة في الاستخدام الطبي أيضا .

بالطبع هذا النوع من المراكز التعليمية يحتاج الى معلمين وإشراف وإدارة ولتوفير ذلك نحتاج الي ميزانية عالية لتوظيف الطاقم التعليمي والتربوي وتأمين وصولهم، ويمكن حل هذه المعضلات وتفادي التكلفة العالية عبر استغلال التكنولوجيا كما فعل هيو بوسلي، مؤسس ReBootKamp، من سان فرانسيسكو وفكرة مشروعه تتمثل في بناء خط وصل للمواهب بين الشرق الأوسط ووادي السليكون من خلال تعليم اللاجئين طريقة الترميز (Coding)، وعلى الرغم من أن هذا الهدف يبدو بعيد المنال، لكن تبعًا لبوسلي، الذي يتشارك مع شخص من أصل سوري في شركته، فإنه “من الممكن جدًا” تعليم اللاجئين الترميز خلال فترة لا تتجاوز الـ12 إلى 16 أسبوع، (الشكل 9)، وقد أُقيم في الاردن ما سمي بأسبوع البرمجة برعاية هذه الشركة و التي استفاد منها حوالي 10 الاف لاجيء كطلاب يتعلمون البرمجة من مختلف بلدان شرق الأوسط وتم ذلك بالتعليم عن بعد .

كما توجد عدة مبادرات تمت وأثبتت نجاحها مثل “الشبكة الفورية المدعومة” من فودافون، والتي تستخدم الإنترنت لاستكمال التعليم في الفصول الدراسية، كما تشمل أيضاً “التعليم العالي بلا حدود للاجئين“ (BHER)، والذي يسهل التعليم الجامعي عن بعد من قبل اللاجئين من خلال الشراكات مع الجامعات.

ويتم استغلال التطبيقات الموجودة على الهواتف الذكية لتوفير التعليم للاجئين، حيث يقول ألان مويكا، مسؤول التعليم في المفوضية في مخيم داداب في كينيا أن 800 معلم في داداب بتواصلون مع طلابهم من خلال مجموعات واتساب يستفيد منها أكثر من 64 ألف طالب، وتأمل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وشركاؤها في اتساع رقعة هذا المشروع.

وهذا يوكد أنه لا حاجة لوجود معلمين في المراكز التعليمية بل يمكن الاستفادة من خبرة معلم جيد لتعليم أبناء اللاجئين عن بعد في عدة دول وعدة مخيمات.

من جهتها أعلنت شركة تكنولوجيا المعلومات العملاقة مايكروسوفت أنها سوف تستثمر مبلغ مليوني دولار أميركي في شراكة مع المفوضية لتطوير نموذج جديد للتدريب على محو الأمية الرقمية وتطوير المهارات في هذا المجال على مدى ثلاثة أعوام. وستركز هذه الشراكة على تعزيز فرص التدريب الموجهة نحو السوق في مخيم كاكوما للاجئين في كينيا، حيث تهدف إلى تمكين 25 ألف شاب من اللاجئين والمجتمع المستضيف للاستفادة منها بحلول عام 2021.

الصحة

ساعد التقدم التقني في توفير الرعاية الصحية بشكل أسهل مما كان سابقاً، من خلال استخدام التقنية في حفظ السجلات الصحية للاجئين المرضى وأرشفتها، حيث أن معظمهم كانوا لا يملكون سجلات صحية، ولكن على مدى عام ونصف تمكن مشروع صحي جديد من إنشاء سجلات إلكترونية لأكثر من 10 آلاف لاجيء سوري في لبنان، تتضمن بيانات عن صحة اللاجئين وتاريخهم المرضي، بما يمكن أن يساعدهم لاحقاً على الحصول على خدمات طبية جيدة.

هذا المشروع الذي يحمل اسم “سجلي” ويتبع لمعهد الصحة العالمية في الجامعة الأميركية في بيروت، يهدف إلى أرشفة جميع المعلومات الطبية المتعلقة باللاجئين إلكترونياً بشكل آمن، قالت نور الأرناؤوط، منسقة البرنامج، “يضطر الكثير من اللاجئين إلى إعادة إجراء اختبارات طبية وتكبد أعباء مالية غير ضرورية فقط لعدم حملهم لسجلاتهم الطبية. ويأتي المشروع الجديد ليحفظ السجلات ويوفر المال والوقت ويعزز الوصول إلى الخدمات الصحية خلال رحلة اللجوء.”

تطبيق دكتور أكس (Doctor-X)- الذي تمت تجربته في مخيمات بالأردن يعتبر  بمثابة سجل طبي إلكتروني لكل لاجئ، يرجع إليه الطبيب في حالة علاج أحد اللاجئين. ويعمل القائمون عليه على ترجمة كل السجلات إلى خمس لغات لتسهيل إطلاع الأطباء على الوضع الصحي لأي لاجئ في حال انتقاله من بلد إلى آخر.

اما فيما يخص الصرف الصحي فقد تم تجريب نظام تقني متطور لحل مشكلة التخلص من مياه الصرف الصحي في مخيم الزعتري للاجئين في الأردن، وقد أثبت نجاحه ويعتمد على نظام إلكتروني مع منظومة بيانات جغرافية تعطي إنذاراً للمركز في حالة امتلاء خزان الصرف الصحي، وعلى الفور يتم ارسال سيارة للتخلص من مياه الخزان.

أما بالنسبة لإنشاء مركز صحي فنحتاج الي مبنى وطاقم طبي وأدوات طبية، ولتفادي تكلفة كل ذلك تمت تجربة الحاويات الذكية ـ كما ذكرنا سابقا ــ في أوروبا، والنموذج الأول من هذه الحاويات جاهز للعمل به في هامبورغ، والطلب عليه كبير هناك من أجل استخدامه في مساعدة اللاجئين، ويشير نايدهاردت إلى أن مركزه “أكثر إنسانية بالنسبة للاجئين وأكثر كفاءة بالنسبة للأطباء” وهدفه هو وضع 100 حاوية على طول الطريق جنوبًا إلى ليسبوس في اليونان وفي الأماكن الأخرى حيث توجد المخيمات، وتتوفر فيه خاصية الترجمة لتمكين الكشف عن اللاجئين عن بعد بواسطة أطباء ذوي كفاءة عالية في هذا المجال التقني الصحي.

وفي مجال الصحة النفسية والدعم المعنوي سجل بعض المتطوعين مقاطع فيديو لأنفسهم وهم يقرأون القصص الخيالية والقصص الأخرى ويقدمونها للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وبعد مراجعتها، تحيل المفوضية القصص إلى موظفي مراكز الاستقبال، والتي تؤوي مؤقتاً الآباء والأطفال من طالبي اللجوء.

ومنذ بدء هذا المشروع في شهر مارس، سجل المتطوعون الذين تتراوح أعمارهم بين خمسة إلى 87 عاماً أكثر من 100 قصة، فيما قام البعض بتسجيل ومشاركة مقاطع الفيديو أيضاً، مع تضمين بعض الحيل السحرية وتعليم الأوريغامي والغناء والتمثيل كمهرجين.

المهن وتوفير العمل  

يرتبط توفير فرص العمل بمجال التعليم التقني، حيث أن تجربة اسبوع برمجة وفر فرص وظيفية في الاقتصاد الرقمي لأكثر من عشرة آلاف لاجئ وشاب من منطقة الشرق الأوسط وفقًا لتقرير صادر عن شركة IDC للأبحاث.

في 2019، تعاونت كل من Techfugees و Taqadam كفريق واحد لكسب عملاء جدد ومتنوعين من كلّ أنحاء العالم. وتسعيان معا لتحقيق هدفهما المشترَك وهو تزويد عدد أكبر من اللاجئين والمُهجَّرين بوظائف عن بعد (الشكل 11) .

تُحسِّن Taqadam تعليقات الصور التوضيحيّة للشركات المعتمِدة على البيانات باستخدام الذكاء الاصطناعي البصري، كما أنها وبناء على الطلب تُقدِّم تعليقات توضيحيّة للصور عاليّة الجودة ومحدَّدة رأسيًّا. مع واجهة برمجة التطبيقات والهندسة السحابية، فإنّ برنامج TaQadam يضمن طريقة مُبسَّطة وآمنة لبناء قاعدة بيانات للصور عاليّة الدِقة، مع تبسيط عمليّة الاستعانة بمصادر الرؤى الإنسانيّة من فِرَق متفانية ومُدرَّبة تستخدم مواهب الأشخاص اللاجئين المتضررين من النزاعات المسلحة.
من جانبه يعمل الموقع رفيقي (Rafiqi) على تتبع فرص العمل المتاحة للاجئين. عقب ذلك، ويحلّل البيانات الشخصية لهم للتعرف على ملاءمتهم لهذه الوظائف وفق ملفاتهم الشخصية، ما يساعدهم في تحسين أوضاعهم المعيشية.
(Human in the loop) هي مؤسسة اجتماعية تسعى من خلال استخدام تطبيقات الهاتف إلى توظيف وتدريب اللاجئين حتى يتسنى لهم تقديم خدمات في مجال البيانات الوصفية المرتبطة بموقع ما أو بيانات مختلفة لصالح الشركات المعنية.
المساعدات
ساهم التقدم التقني في المجالات البنكية في تسهيل تحويل اي مبلغ مالي عن طريق تطبيقات تكنولوجية عبر العالم، وتعد المساعدة النقدية التي تقدمها المفوضية عبر التقنية أكبر من المساعدات العينية التقليدية، في جمهورية الكونغو الديمقراطية تلقى أكثر من 60 ألف نازح كونغولي مساعدة نقدية في عام 2019. وفي جميع أنحاء العالم، تلقى حوالي 20 مليون مهجّر قسرياً في أكثر من 100 دولة ما يفوق 2.4 مليار دولار أمريكي في السنوات الثلاث بين عامي 2016 و 2019.
ويمكن حالياً ارسال مساعدة نقدية مباشرة للاجئين، وعلى سبيل المثال عندما أُجبرت سولونيتا مع ابنها على مغادرة قريتها في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية عندما هاجمها مسلحون ، وأصبحت تعيش في بلدة بيني، وصلتها رسالة نصية مؤخراً تفيد بأنه تم تحويل 75 دولاراً أمريكياً كمساعدة نقدية لتتوجه إلى أقرب مصرف لسحب جزء منها. (الشكل 12) ويتيح لها هذا المبلغ شراء أكثر ما تحتاجه لنفسها وابنها كاكول، البالغ من العمر 30 عاماً.

دخلت التكنولوجيا والأدوات الرقمية في مجال التبرعات وتقديم العون عبر خدمة أطلقتها شركة غوغل في العام 2015 من أجل إيصال المساعدات العاجلة والأموال التي تدعم اللاجئين في العالم.
وهناك تطبيق Share The Mealأطلقه برنامج الأغذية العالمي للمساعدة في إطعام الأطفال السوريين اللاجئين. يستطيع المستخدم عبر التبرع بـ50 سنتاً أثناء تناوله وجبة طعام مع الأصدقاء أو العائلة توفير التغذية الضرورية لطفل ليوم واحد.
كما تم استخدام نظم المعلومات الجغرافية GIS في وضع خرائط تحدّد أماكن تواجد اللاجئين، وتستخدم الأمم المتحدة صور الأقمار الصناعية وبيانات نظام المعلومات الجغرافية (GIS) لرسم خرائط تفصيلية للمناطق التي ينصب عليها الاهتمام. وقد لعبت الخرائط – مثل تلك المستخدمة لمساعدة الوكالات على الاستجابة للكوارث الطبيعية كالأعاصير والفيضانات – دوراً أساسياً في تمكين وكالات المعونة من معرفة جيوب الصراع وحركات السكان داخل سوريا. وتبين صور الأقمار الصناعية النازحين الذين استقروا بالقرب من الحدود التركية.
وكانت صور الأقمار الصناعية مفيدة للغاية في تخطيط مخيمات اللاجئين. ففي مخيم الزعتري الأردني المترامي الأطراف، حيث يعيش 120 الف لاجئ كانت لهذه الخرائط أهمية كبيرة في مساعدة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على إدارة تطور المخيم وسكانه، وباستخدام تلك الصور، يمكن لعمال الإغاثة معرفة عدد الخيام الجديدة التي تتم إقامتها وحساب مساحة الأرض التي لا تزال متاحة.
أما في لبنان، حيث تم تسجيل أكثر من 700 الف لاجئ سوري ولكن من دون وجود مخيمات رسمية لهم، فقد استخدمت المفوضية أدوات رسم الخرائط على الإنترنت، مثل برنامج “ArcGIS على الانترنت”، لتتبع المستوطنات غير الرسمية المكونة من الخيام.

وفي وقت سابق من هذا العام، بدأ عمال الإغاثة في إضافة كافة اللاجئين السوريين الوافدين إلى الأردن إلى قاعدة بيانات عند التسجيل. وفضلاً عن تحسين دقة وكفاءة السجلات وتجنب الازدواجية، أتاح نظام الاستدلال الأحيائي الفرصة لتقديم مدفوعات نقدية عن طريق نظام التعرف على الهوية من خلال القزحية، على غرار الأسلوب المتبع في أفلام هوليوود. وهذه هي المرة الأولى التي توزع فيها مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين النقود بهذه الطريقة.

تحديد الهوية بخاصية الاستدلال الأحيائي

ومن خلال الشراكة مع بنك القاهرة في عمّان، يستطيع اللاجئون المؤهلون لتلقي مساعدات نقدية من المفوضية سحب الأموال المخصصة لهم من أكثر من 100 موقع في الأردن. وبدلاً من استخدام بطاقة السحب الآلي، يتم ببساطة إجراء مسح ضوئي لأعينهم عند أجهزة الصراف الآلي.
وقال فولكر شيمل، كبير المنسقين الميدانيين بالمفوضية، في تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): “إنها وسيلة ممتازة لضمان أن الأشخاص الذين يقومون بسحب المال هم من ينبغي أن يحصلوا عليه،” مضيفاً أنه “إجراء استهدافي ويهدف إلى مكافحة الغش، كما أنها وسيلة جيدة للرصد في مرحلة ما بعد التوزيع لأننا نستطيع أن نحدد مكان سحب النقود ونستطيع ربط هذه العملية بشخص معين، وربط هذا الشخص بموقع ما”.

وفي السياق نفسه، تسمح هذه التقنية لوكالات المعونة برسم خريطة لمواقع اللاجئين وتقييم المدة التي يستغرقونها الوصول إلى الخدمات المصرفية. وكانت واحدة من أكبر المشكلات التي تواجه اللاجئين المحتاجين للمساعدة في الأردن هي تكلفة النقل.

وتخطط المفوضية لاستخدام نظام تسجيل اللاجئين الأحيائي في مواقع عديدة في جميع أنحاء المنطقة. فعلى سبيل المثال، سيتم البدء في تطبيق بصمة العين وبصمات الأصابع أثناء تسجيل اللاجئين في العراق في مطلع العام المقبل.

الغذاء

في تركيا، يتولى برنامج الأغذية العالمي، بالاشتراك مع جمعية الهلال الأحمر التركي، إدارة نظام قسائم الغذاء الإلكترونية. ووفقاً لهذا البرنامج، يحصل اللاجئون على بطاقات يُضاف إليها “ائتمان” كل شهر حتى يتمكنوا من استخدامها لشراء المواد الغذائية من المتاجر المحلية.
ولا يعطي ذلك اللاجئين فرصة اختيار ما يريدون شراءه فحسب، بل ويرفع عن كاهل برنامج الأغذية العالمي عبء إدارة التوزيع الجماعي للمواد الغذائية. علاوة على ذلك، فإن البرنامج يقضي على محاولات بيع المواد الغذائية المجانية في السوق السوداء، كما أنه أكثر أمناً من توزيع العملة الصعبة.
وتتم إضافة 80 ليرة تركية (45 دولاراً) للشخص الواحد في الشهر الواحد إلى بطاقة الغذاء الإلكترونية لاستخدامها في متاجر مختارة من قبل برنامج الأغذية العالمي وجمعية الهلال الأحمر التركي والحكومة. ويمكن استخدام هذه البطاقات لشراء أي مواد غذائية ما عدا الكحول والسجائر والشوكولاته والحلويات والبسكويت والآيس كريم والمشروبات الغازية.
ومنذ أغسطس 2012، أتاح هذا البرنامج ما يعادل 73 مليون وجبة طعام لحوالي 117 ألف لاجئ سوري.

استخدامات أخرى

أطلقت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين برنامجاً جديداً في الأردن يمنح اللاجئين السوريين شرائح الهواتف النقالة (SIM cards) المصممة خصيصاً لهم ويمكن من خلالها تلقي رسائل الإعلام الجماعية. وتحتوي كل شريحة على قائمة محملة مسبقاً لتوفير المعلومات الأساسية وتفاصيل الاتصال بمقدمي الخدمات.
كما سيتم تزويد الشرائح بميزات خاصة بحالات الطوارئ بحيث يتمكن اللاجئون أيضاً من إجراء مكالمات مجانية إلى خط المعلومات التابع للمفوضية، والذي يتلقى حالياً حوالي 700 مكالمة يومياً .وتقول المفوضية في هذا الصدد أنها تتوقع تسليم 120 ألف شريحة للاجئين في الأشهر المقبلة، وتتجه فرق المفوضية التي تعمل في الأردن مع اللاجئين في المناطق الحضرية إلى جمع البيانات باستخدام الكمبيوتر اللوحي في محاولة لترشيد الأعمال الورقية. وتستخدم الأجهزة المحمولة على نحو متزايد الآن عند إجراء زيارات منزلية، وتقييم مدى الضعف، والرصد في مرحلة ما بعد التوزيع، فضلاً عن الإرشاد الفردي.
ونظراً للطبيعة السرية للمعلومات التي تجمعها هذه المنظمة، قام موظفو المفوضية في عمّان بتصميم تطبيق اندرويد خاص بهم لضمان عدم الحاجة إلى استضافة بيانات التسجيل والمساعدة خارج البنية التحتية الآمنة الخاصة بالمفوضية.

التوصيات

  • ــ إطلاق منظومة متكاملة في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وربطها مع ذاكرة سحابية بحيث يعطى لكل لاجئ رقم تعريفي خاص بهف حصر جميع اللاجئين ووضع سحل طبي ومهني وتعليمي ورصد كل المعلومات المتوفرة عنهم، ومن خلال هذا الرقم التعريفي يمكن لأي جهة رسمية او غير رسمية أن تتعرف على اللاجئ والمعلومات الخاصة به، ومن خلال هذا الرقم يمكن أن تتعاون الجامعات والمعاهد مع اللاجئ وتساعده في الحصول على التعليم المجاني، ويمكن للبنوك أن تفتح حساب له يكون معرفاً بشكل رسمي وتصل إلى المساعدات مباشرة.
  • ــ إطلاق منظومة أخرى للمتبرعين بالأشياء العينية والخدمات غير المالية، مثلاً أن يتبرع معلم كفوء بساعة يومياً لتعليم اللاجئين عن بعد إحدى اللغات الرسمية، ويمكن ربط هذه الخدمات بعد إنشاء مراكز تعليمية وأخرى صحية ومصانع الغذاء والملابس عن طريق الحاويات الذكية.
  • ــ تعزيز التعاون بين اللاجئ والأسواق مثل سوق أمازون، لإتاحة الفرصة له لعرض أي سلع أو خدمات للبيع عبر الإنترنت، وذلك من خلال الرقم التعريفي الخاصة به، وبذلك يمكن تحفيز المشتريين للاستفادة من السلع والخدمات التي يعرضها اللاجئ، وفي نفس الوقت مساعدته بشرائها منه.
  • ــ افتتاح فصول افتراضية لتعليم أبناء اللاجئين في المخيمات.
  • ــ التشجيع على المنافسة بين الشركات الصغيرة والكبيرة في تقديم حلول ذكية لتأمين الخدمات التعليمية والصحية للاجئين.
  • ــ إطلاق المزيد من الحلول الابداعية التقنية لخدمة العمل الإنساني في مخيمات اللجوء.
  • ــ استخدام التقنية الحديثة في تسهيل الوصول إلى أكبر شريحة من اللاجئين والنازحين والفئات الأكثر تضرراً من المآسي لرصد معاناتهم واحتياجاتهم بهدف تأمينها بأسرع ما يمكن.
  • ــ إطلاق منصة صحية لتقديم الخدمات الاستشارية الطبية للاجئين آلياً من على البعد.

 

بقلم الدكتور/ عبدالرزاق محمد نور أمان  
مساعد المشرف على مركز المعلومات والدراسات والتوثيق بالمنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر

Leave a Comment

Your email address will not be published.